responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الساق على الساق في ما هو الفارياق نویسنده : الشدياق    جلد : 1  صفحه : 180
ثم لما كان الغد ذهب الفارياق إلى المعبر وهو موجس من تعبير الوحش. فجاءه الرئيس يقول قد عنّ لي أن أسافر إلى أرض الشام لأجل تغيير الهواء. فإن هواء ذلك القطر والأحلام فيه تصح ويسهل تعبيريها. وأني أراك مثلي ضعيف القوى ناحل الجسم فتجهز للسفر فعسى الله أن يوفق لنا أسبابه ونعود بخير. فاستأذن الفارياق الحاكم في ذلك فأذن له كرماً وتفضيلاً. فأقبل على زوجته يودعها ويقول: عهدي إليك يا زوجتي بادئ بدء أن تتذكري السطح فيبعثك على حفظ العهد والوداد. وأن تعني بأمر الذي أغادر عندك معه كبدي. وإذا أتاك فاسق بنبأ عني فتثبتي. إي إذا قال لك غداً أحد ممن حسدني عليك قد مات زوجتك في البحر وأكله الحوت ولم يبق في علم الوجود سوى أسمه فلا تركني إليه قبل أن يرد إليك كتاب مني تعتمدين عليه قالت ولكن تكتب لي إذا كان الخبر صحيحاً. قال فقلت يكتبه لك صاحب المعبّر. ولكني أرجو أن أصل سالماً وتقر عيني برؤية أهلي وأهلك وأبلغهم سلامك. قالت إلا تعين لي مدة لإرسال الكتاب. قلت شهرين. قالت هذا دهارير أية امرأة تصبر شهرين. قلت نحن سائرون في سفينة الريح فإن الطبيب قال لصاحب المعبر أنها أوفق من سفينة النار لما في هذه من رائحة الفحم التي تضر بالمصدورين. قالت أفعل ما بدأ لك ولكن أحذر من أن تفيق وتهوى غيري. قلت إنما أحذر من الثانية لا من الأولى. قالت لا بل مني فأحذر. قلت إنما عنيت أني أحذر من الهوى. قالت نعم إياك وإياه فأنه يزيدك ضني. قلت ليست البلاد التي نقصدها مظنّة لذلك. كهذه الجزيرة. قالت النساء والرجال في جميع البلاد سواء. ولا سيما أنك الآن في زي غريب والنساء كلهن تهافتن على الغريب. كما أن الرجال يتهافتون على الغريبة. قلت قد فهمت هذا التعريض غير أن المرأة المصونة إذا دخلت بين جيشين تخرج كما دخلت. قالت نعم تدخل امرأة. قلت وأين المصونة أراكِ حذفتها. قالت في زمن الفِطَحْل. قلت وما الفطحل. قالت دهر لم يخلق الناس فيه بعدُ. قلت من أين علمت هذه اللفظة الغربية. قالت سمعتك مرة تقولها فحفظتها وهو دليل على التهافت على الغريب. ثم سكنت مفكرة ثم ضحكت. فقلت لها ممّ تضحكين أمن الفطحل؟ قالت لا وغنما ذكرت حكاية عن امرأة سافر عنها زوجها فضحكتُ. قلت وما هي قلت كانت امرأة متزوجة برجل يربيها في بعض أحواله ولم تكن على يقين مما رابها منه. وأتفق أنه سافر عنها فحزنت لفراقه لكنها ظلت واحدة عليه. فجعلت مرة تدعو له وأخرى تدعو عليه. وقالت وأن كان بريئاً بلغته دعواتي الصالحة وإلا فيلحقه غيرها. فقلت هل في نيّتك إذاً أن تحاكيها. قالت معاذ الله أن أدعو. قلت قولي لك أو عليك حتى يفهم المعنى. قالت عليك قلت لله أنت ما أرى لي من يديك منجي. فالتفتت إلى الباب وقالت ما جاء أحد. قلت دعيني بحقك من الزبون ومن جاء فأنا الآن على جناح السفر. قالت سِرْ في أمن الله ولا ترتَبْ فإن للهزل وقتاً وللجد وقتاً وعرض المرأة هو من الأخير. قلت وهذا أيضاً كلام موجه كأنك تقولين أنه ليس من الأمور المقدمة. قالت ألا كن مطمئناً سواء كان من هذا أو ذاك فإنك ستجدني كما فأرقتني إن شاء الله. قال فوّدعتها والدمع هامل على جيدها وبكت هي أيضاً لفراقي فإنها كانت أول غيبة عنها. وكان من خلقها إذا بكت أن تبدو في طلعتها لوائح وجد شائقة. وملامح حسن رائقة. والنساء أشوق ما يكون إذا بكين. ولكن لا يكن كلامي هذا باعثاً على ضربهنّ شلت يدا من مسهن عن غضب. قال فتزايد بكائي لبكائها وأحسست ح بلوعة الفراق.

نام کتاب : الساق على الساق في ما هو الفارياق نویسنده : الشدياق    جلد : 1  صفحه : 180
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست