نام کتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي نویسنده : حسين عطوان جلد : 1 صفحه : 12
ولا تعني مسئولية عمال خراسان عن إدارة بعض المناطق التي أضافها القدماء إليها أنها كانت جزءا منها بالضرورة، كما أن بلاد ما وراء النهر لم تخضع للعرب خضوعا تاما في العصر الأموي، وإنما كانت موطن شغب دائم عليهم، على كثرة ما غزوها وفتحوها وعقدوا المعاهدات مع أهلها. بل إن الأتراك كانوا يجتاحون نهر جيحون ويهاجمون العرب بخراسان مرارا.
وتقسم خراسان عند الجغرافيين العرب إلى أربعة أرباع، كان عمال خراسان يشرفون عليها، وهي نيسابور، ومرو الشاهجان، وهراة، وبلخ. أما الربع الأول منها فيشمل قسمها الغربي، وأكبر مدينة فيه نيسابور، التي تعرف حينا بأبرشهر، وحينا آخر بإيرانشهر. وهي بأرض سهلية، وأبنيتها من طين تنبسط في مساحة مقدارها فرسخ في فرسخ[1]. ولها قهندز وربض، أي قلعة وضاحية. أما القلعة فخارج المدنية، وأما الضاحية فتحف بالمدينة والقعلة. وكان للمدينة أربعة أبواب، وللقلعة بابان، وللضاحية أربعة أبواب، باب منها يؤدي إلى العراق وجرجان، وباب يؤدي إلى بلخ وما وراء النهر، وباب يؤدي إلى فارس وقوهستان، وباب يؤدي إلى طوس ونسا[2].
وكان أكثر أهل نيسابور يعملون في الزراعة، ويسقون مزارعهم من نهر سغاور. وقد شقوا له القنوات التي كانت تتخلل بلدهم ودورهم، وتمتد إلى ضياعهم. وكان له قوامون، وعليه حفظة. فانتعشت الزراعة لذلك انتعاشا كبيرا، وغلت لهم أراضيهم غلات وفيرة، وخيرات كثيرة من الحبوب والأقطان والفواكه. وكان بعضهم يشتغل بالصناعة، وخاصة بالمنسوجات القطنية والحريرية، وكان يرتفع من بلدهم من أصناف البز وفاخر ثياب القطن والقز إلى سائر بلدان الإسلام وغيرها لكثرته وجودته. وكان بعضهم يتعاطى التجار في أسواق المدينة المنظمة المقسمة، وكان كل تاجر ينزل بناحية معينة من السوق حسب تجارته وبضاعته وكانت التجارة في بلدهم رائجة، حتى ليقول ابن حوقل: "إنه بخراسان مدينة أدوم تجارة، وأكثر سابلة، وأعظم قافلة من [1] الفرسخ: ثلاثة أميال أو ستة، فارسي معرب "انظر لسان العرب 4: 13". [2] ابن حوقل ص: 363.
نام کتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي نویسنده : حسين عطوان جلد : 1 صفحه : 12