نام کتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي نویسنده : حسين عطوان جلد : 1 صفحه : 193
انطلق فيه أيضا من السياسة الحقيقية للأزد وبكر، وما كانت تقوم عليه من إضمار الشر والعدوان لبني تميم، وانتظار الفرص المواتية لاضطهادهم وإذلالهم.
ولذلك فإنه رد عليه ردا عنيفا، عمد فيه إلى استعراض تاريخ الأزد وبني تميم في الجاهلية والإسلام استعراضا عميقا نفاذا، لينتهي إلى إخراسه، ووضع قومه في الوضع اللائق بهم، وليعري موقفهم الخبيث اللئيم، لا من بني تميم وحده بل من القبائل الثائرة على بني أمية، والأحزاب المناوئة لهم. فقد هاجمه هجوما مضادا من ناحيتين: أولاهما منزلة الأزد وبني تميم في الماضي والحاضر، وأخراهما موقف كل منهم بعد الإسلام. فمن الناحية الأولى لا يقاس الأزد ببني تميم أصلا وجاها، وغنى وبأسا، فهم رعاة أغنام، يجيدون تربيتها وخدمتها، ولا يحسنون القتال، ولا يفيدون في الشدائد والنوازل، بل هم إذا اشتعلت نار الحرب، وخرج الفرسان منها منتصرين، وعادت خيولهم تحمل الأسلاب، اختفوا عن أعين الناس، وانزووا في أرضهم المجدبة القاحلة، وعكفوا على قطعان أغنامهم، فرحين بها، مكتفين بألبانها، وبنو تميم عظماء أصلاء يضربون بجذورهم في أعماق التاريخ، ومقاتلون أشداء يفتكون بأعدائهم فتكا، وفي قتلهم لعبد الله بن خازم، وقتيبة بن مسلم دليل لا يدفع على جبروتهم وسطوتهم.
ومن الناحية الثانية لم يكن الأزد أهل تقوى وصلاح، حتى يظهر فيهم عظيم، أو يؤثر عنهم موقف كريم، فهم خلو من الاستقامة والنزاهة، طارئون على مسرح السياسة ومعترك الأحداث، متلونون متقلبون، انحازوا إلى المختار الثقفي السحار الدجال ليشتهروا، فلما قضى مصعب بن الزبير عليه، أصبحوا أدوات وصنائع للأمويين، فبطشوا بالقبائل المتمردة، وانتهكوا الحرمات والمقدسات، واجترأوا على ضرب مكة والمسجد الحرام بالمجانيق. وبنو تميم من المضرية، أصحاب القدر والخطر، وبيت النبوة، وهم أرباب العقائد والمبادئ الراسخة، والمواقف الشريقة المعروفة.
فالفخر في قصيدة ابن عردة التميمي يرتكز في جانب من جوانبه على ماضي قومه المرموق، وأصلهم العريق، لانتسابهم إلى المضرية، أولي الفضل، بل أهل النبوة
نام کتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي نویسنده : حسين عطوان جلد : 1 صفحه : 193