نام کتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي نویسنده : حسين عطوان جلد : 1 صفحه : 266
ولا تأمنن الثائرين ولا تنم ... فإن أخا الهيجاء ليس بنائم
ولا تثقن بالأزد فالغدر منهم ... وبكر فمنهم مستحل المحارم
وإني لأخشى يا قتيب عليكم ... معرة يوم مثل يوم ابن خازم
وفي الثانية يتنصل من العصبية القبلية، ومن التكثر بالآباء، والتمدح بالأنساب والأحساب، ويعلن أن الإسلام سوى بين الناس كافة، وأن التقوى هي أساس التفاضل بينهم. يقول1:
أبي الإسلام لا أب لي سواه ... إذا افتخروا بقيس أو تميم
دعي القوم ينصر مدعيه ... ليلحقه بذي النسب الصميم2
وما كرم ولو شرفت جدود ... ولكن التقي هو الكريم
فشخصية نهار تشبه شخصية ثابت قطنة في كثير من الوجوه، فهو مرتبط بقومه، متحزب لهم، وهو يأبى أن يظلموا، ويرفض أن يبخسوا أفضالهم وأقدارهم، ولا يصبر على عطل مصالحهم. ولذلك كان الناطق الرسمي بأهوائهم، والمكافح الحقيقي عن منافعهم، ولم يكن يجد غضاضة ولا حرجا في هجاء حلفائهم من الأزد، إذا تنكروا لهم أو اعتدوا عليهم.
وهو من ناحية أخرى كان متشبثا بمحالفة الأزد، حريصا على التعاون معهم، مخلصا في مساندتهم على خصومهم. وكان يستحسن أن يكون الوالي منهم على أن يكون من غيرهم. ومن أجل ذلك استاء حين أبعد يزيد بن المهلب عن خراسان، واستخلف عليها قتيبة بن مسلم، وانتقد قتيبة، وأظهر الشماتة بمقتله. أما مدائحه فيه فكانت من قبيل المنافقة والمداراة والتقية.
وهو من ناحية ثالثة كان يثوب إلى الحق، ويؤوب إلى الصواب، ناظرا إلى الأمور نظرة فيها الدقة والعمق، وفيها التخلي عن الحمية الأعرابية، والمصلحة
1 الشعر والشعراء 1: 537، والكامل للمبرد 3: 179.
2 الدعي: المستلحق المتهم في نسبه. والمدعي: الذي استلحقه وضمه إلى نفسه وتبناه.
نام کتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي نویسنده : حسين عطوان جلد : 1 صفحه : 266