نام کتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي نویسنده : حسين عطوان جلد : 1 صفحه : 74
وأما الملاحظة الثانية فهي أن بعض الولاة إذا كانوا قد تسلطوا على أهل خراسان، فقد كان بعض الخلفاء يستجيبون لشكواهم، ويعملون جادين لرفع الظلم عنهم، وأصدق مثال على ذلك أن عمر بن عبد العزيز حينما تشكى إليه أبو الصيداء، أمر بإعفاء الموالي الذين كانوا يحاربون مع العرب من الجزية، كما خصص لهم أعطيات وأرزاقا، وأمر كذلك بوضع الجزية عمن أسلم، وكتب إلى عامله يعده بإرسال الأموال إليه إن كان خراج خراسان لا يفي بنفقاتها ومصروفاتها[1]. وقد تكررت هذه المحاولة الإصلاحية في ولاية نصر بن سيار[2].
ثم إن الحيف الذي كان نفر من العمال يوقعونه على أهل خراسان، لم يكن مقصورا عليهم، وإنما كان يمتد إلى العرب أنفسهم[3]. إلى ما كان يلحق الأزد وبكرا من ضيم العمال القيسيين، وما كان يصيب قيسا وتميما من أذى العمال الأزديين.
ومن عجيب الأمر إن فان فلوتن وحده هو الذي بالغ في اتهام العرب بالتعدي على أهل خراسان، مع أن أغلب الباحثين من القدماء والمحدثين[4] يجمعون على أنهم تساهلوا لا مع أهل خراسان فحسب، بل أيضا مع جميع أهالي البلدان التي فتحوها، وأن أهل خراسان كانوا بصفة خاصة هادئين مسالمين. وفي ذلك يقول ابن قتيبة: "خراسان أهل الدعوة، وأنصار الله، لما أتى الله بالإسلام كانوا فيه أحسن الأمم رغبة، وأشدهم إليه مسارعة، منا من الله عليهم، أسلموا طوعا، ودخلوا فيه أفواجا، وصالحوا عن بلادهم صلحا، فخف خراجهم، وقلت نوائبهم، ولم يجر عليهم سبي، ولم يسفك فيما بينهم دم، مع قدرتهم على القتال، وكثرة العدد، وشدة البأس"[5].
ولقول ابن قتيبة أهمية كبيرة، لا لأنه يدعم ما نرجحه، بل لأنه لم يصدر فيه عن ميل وهوى، ولم يحاول الدفاع به عن الإسلام، ولأنه يتفق مع الوقائع التاريخية، فكل [1] الطبري 9: 1354، 1365. [2] الطبري 9: 1688، وابن الأثير 5: 236. [3] الطبري 8: 1029. [4] الحضارة العربية، ص: 53، وتاريخ الحضارة الإسلامية، لبارثولد ص: 17. [5] المقدسي ص: 293، وياقوت 2: 411.
نام کتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي نویسنده : حسين عطوان جلد : 1 صفحه : 74