قبل تغشّى الكرى، ومنها صدر النهار قبل الغداء، ومنها يوم شرب الدواء، ومنها الخلوة فى الحبس [1] والمسير.
77* ولهذه العلل تختلف أشعار الشاعر ورسائل الكتاب.
78* وقالوا فى شعر النابغة الجعدىّ: خمار بواف ومطرف بآلاف [2] .
79* ولا أرى غير الجعدىّ فى هذا الحكم إلّا كالجعدىّ، ولا أحسب أحدا من أهل التمييز والنظر [3] ، نظر بعين العدل وترك طريق التقليد، يستطيع أن يقدّم أحدا من المتقدّمين المكثرين على أحد إلّا بأن يرى الجيّد فى شعره أكثر من الجيّد فى شعر غيره.
80* ولله درّ القائل: أشعر الناس من أنت فى شعره حتّى تفرغ منه.
81* وقال العتبى: أنشد مروان بن أبى حفصة لزهير فقال: زهير أشعر الناس، ثمّ أنشد للأعشى فقال: (بل) هذا أشعر الناس، ثمّ أنشد لامرئ القيس فكأنما سمع به غناء على شراب، فقال: امرؤ القيس والله أشعر الناس.
82* وكل علم [4] محتاج إلى السماع. وأحوجه إلى ذلك علم الدين، ثمّ الشعر، لما فيه من الألفاظ الغريبة، واللّغات المختلفة، والكلام الوحشىّ، [1] س ب «فى المجلس» . [2] هذه الكلمة فى الأغانى: 137 عن الأصمعى قال: «ذكر الفرزدق نابغة بنى جعدة فقال: كان صاحب خلقان، عنده مطرف بألف وخمار بواف، يعنى درهما» . وقال محمد بن سلام الجمحى فى طبقات الشعراء 26: «وكان الجعدى مختلف الشعر مغلبا، فقال الفرزدق: مثله مثل صاحب الخلقان ترى عنده ثوب عصب وثوب خز وإلى جانبه سمل كساء» . وسيأتى نحو هذا فى الفقرة: 498. [3] س ب «من أهل المعرفة أو أهل التمييز» . [4] س ب هـ «وكل العلم» .