نام کتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي نویسنده : يوسف خليف جلد : 1 صفحه : 131
ومع ذلك فقد كان التجار في هذه الأسواق عادة آمنين على دمائهم وأموالهم[1]، فالبرغم من أنه كان في العرب قوم يستحلون المظالم إذا حضروا هذه الأسواق، وكانوا يسمون المحلين، كان فهم من يُنكر ذلك وينصب نفسه لنصرة المظلوم، والمنع من سفك الدماء وارتكاب المنكر، وكانوا يسمون الذادة المحرمين[2]، وكان هؤلاء الذادة المحرمون "يلبسون السلاح لدفعهم عن الناس، وكان العرب جميعا بين هؤلاء تضع أسلحتهم في الأشهر الحرم"[3]، كما أن بعض هذه الأسواق كانت تقوم بحمايتها القبائل التي كانت تقام في أراضيها، ويسمون بذلك جيرانها، فقد كان كلب وجديلة طيئ جيرانا لسوق دومة الجندل[4]، وكانت عبد القيس وتميم جيرانا لسوق المشقر[5]، وكان حلف الفضول يجير في أسواق مكة[6]، وقد وصلت هذه الإجارة في بعض الأحيان إلى درجة كبيرة من القوة تستطيع بها أن ترد على المظلوم حقه، بعد أن تنتزعه من غاصبه، كما كان يفعل الفضول في مكة[7].
والغاية التي نريد أن نصل إليها من هذا هي أن الفرصة التي كان من المنتظر أن تكون سانحة أمام صعاليك العرب في هذه الأسواق للغزو والإغارة للسلب والنهب قد أفلتت من أيديهم، نظرا لتلك الحماية التي كان الذادة المحرمون يأخذون بها أنفسهم، وهذه الإجارة التي كانت بعض القبائل أو الأحلاف تقوم بها، ونظرا -من ناحية أخرى- إلى ازدحام هذه الأسواق بالناس من مختلف الطبقات ازدحاما يفسد على الصعاليك "خططهم الحربية" التي تعتمد قبل كل شيء على التربص الحذر، ثم المفاجأة الخاطفة، فالفرار [1] تاريخ اليعقوبي 1/ 313. [2] المصدر السابق/ 314. [3] المصدر نفسه/ 315. [4] ابن حبيب: المحبر/ 263. [5] المصدر السابق/ 265. [6] السهيلي: الروض الأنف 1/ 90، 91. [7] المصدر السابق، الموضع نفسه.
نام کتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي نویسنده : يوسف خليف جلد : 1 صفحه : 131