نام کتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي نویسنده : يوسف خليف جلد : 1 صفحه : 148
ذلك اليوم؟ قال: $"وما عملك؟ " قال: أضلك ناقتين عشراوين، فركبت جملا ومضيت في بغائهما، فرفع لي بيت حريد، فقصدته فإذا شيخ جالس بفناء الدار، فسألته عن الناقتين، فقال: ما نارهما؟ قلت: ميسم بني دارم فقال: هما عندي وقد أحيا الله بهما قوما من أهلك من مضر، فجلست معه لتُخْرَجا إليَّ، فإذا عجوز قد خرجت من كسر البيت فقال لها: ما وضعت؟ فإن كان سقبا شاركنا في أموالنا، وإن كانت حائلا وأدناها، فقالت العجوز: وضعت أنثى، فقلت: أتبيعها؟ قال: وهل تبيع العرب أولادها؟ قلت: إنما أشتري منك حياتها ولا أشتري رقها، قال: فبكم؟ قلت: احتكم، قال: بالناقتين والجمل، قلت: ذاك لك على أن يبلغني الجمل وإياها، قال: ففعل فآمنت بك يا رسول الله وقد صارت لي سنة في العرب على أن أشتري كل موءدة بناقتين عشراوين وجمل، فعندي إلى هذه الغاية ثمانون ومائتا موءودة فقد أنقذتها[1] ... "، وهي قصة تعطينا صورة واضحة عن الفرق الكبير بين هاتين الطبقتين الاقتصاديتين في المجتمع البدوي، وبين أولئك الذين يبيعون بناتهم بهذا الثمن البخس، وذلك الذي يشتري ثمانين ومائتي موءودة، ثم أرأيت إلى هذا اللون من ألوان "التجارة" عند هؤلاء الأعراب الفقراء؟ بيع بناتهم نظير ناقتين وجمل راجين من وراء ذلك أن يتكون لهم رأس مال من الإبل يعينهم على الحياة، ويساعدهم على رفع مستواهم الاقتصادي، ولو كان ذلك على حساب أكبادهم التي تمشي على الأرض، كما يقول شاعرهم القديم[2].
والقصة بعد هذا تشير إلى نفسية أولئك الفقراء، وإحساسهم بما سميناه "القرب النفسي" بينهم وبين الأغنياء، أرأيت إلى ذلك الأعرابي كيف يقول لذلك السيد إن ناقتيه اللتين أضلهما قد أحيا الله بهما قوما من أهله؟ كأنما يرى أن الأغنياء والفقراء أسرة واحدة، وأن هذا الفرق الاقتصادي بينهما [1] المبرد: الكامل/ 278، 279. [2] حطان بن المعلى، في حماسة أبي تمام 1/ 153.
نام کتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي نویسنده : يوسف خليف جلد : 1 صفحه : 148