نام کتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي نویسنده : يوسف خليف جلد : 1 صفحه : 29
غزواته أن يفتدوها: "والله لئن قبلت ما أعطوك لا تفتقر أبدا"[1]، بل أكثر من هذا يذكر الرواة أنه جاء بامرأته إلى بني النضير "ولا شيء معه إلا هي، فرهنها، ولم يزل يشرب حتى غَلِقَتْ"[2]. وتكثر في شعره أحاديث فقره، وما يعانيه من حرمان، وما يتكبده في سبيل الغنى من جهد ومشقة، وما يشعر به من ثقل التبعة التي يتحملها إزاء أهله، وإزاء أصحابه الصعاليك أيضا:
ذريني للغنى أسعى، فإني ... رأيت الناس شرهم الفقير3
فسر في بلاد الله والتمس الغنى ... تعش ذا يسار أو تموت فتعذرا4
ومن يك مثلي ذا عيال ومقترا ... من المال يطرح نفسه كل مطرح5
وهذا الفقر الذي استبد بحياة الصعاليك حمل لهم في ركابه الجوع، نتيجة طبيعية له، ولعل الجوع أقسى ما يحمله الفقر إلى جسد الفقير، وقد سئل أعرابي: ما أشد الأشياء؟ فقال: كبد جائعة تؤدي إلى أمعاء ضيقة[6]. وليس من شك في أن هذه العبارات الساذجة التي صور فيها هذا الأعرابي إحساسه إنما تشير إلى قصة الحياة الأساسية، قصة الصراع بين الحياة والموت. وذلك لأن المسألة تتصل بحاجات الجسم الحيوية الأولى، فالجوع -كما يقرر علماء الاجتماع- أول الدوافع المسيطرة على حياة الإنسان[7]. وقد كان من العرب من يغير من أجل الحصول على الطعام[8]، بل إن كثيرا من الصراع الداخلي [1] الأغاني 3/ 77. [2] المصدر نفسه/ 38، وغلق الرهن في يد المرتهن: استحله، وذلك إذا لم يقدر الراهن على افتكاكه في الوقت المشروط.
3 ديوانه/ 198.
4 ديوانه/ 191.
5 ديوانه/ 99. [6] البيهقي: المحاسن والمساوئ. 301. [7] Groves; Personality And Secial Adjustment, P. 270. [8] ابن دريد: الاشتقاق/ 246.
نام کتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي نویسنده : يوسف خليف جلد : 1 صفحه : 29