نام کتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي نویسنده : يوسف خليف جلد : 1 صفحه : 82
يأخذوا بقسط وافر من الحضارة، والذين لم تهيئهم أمزجتهم أو ظروفهم الاقتصادية الضيقة للهجرة، يحلون مشكلة نقص موارد الطعام بالإغارة على حقول جيرانهم الأغنياء ومخازتهم، حتى لتملأ غارات النهب تاريخ سكان الجبال الفطريين"[1]، ويذكرون أن سكان الجبال القدماء في الألب وشمالي إسبانيا والبلقان وإيطاليا والمرتفعات المحيطة بالفراتين، كلهم قطاع طرق، يعيشون على النهب والسلب، نظرا لجدب بيئتهم الطبيعية وما تسببه لهم من قلة موارد العيش وما يتبع ذلك من فقر وجوع[2].
وهكذا لم تكن القبائل العربية التي أنزلت في المناطق الجدبة من سلسلة جبال السراة بدعا في تاريخ العالم.
ثم إن هذه المنطقة، ثالثا، بحكم طبيعتها الجبلية تيسر وسائل الهرب والاختفاء والنجاة لهؤلاء الصعاليك، فما أيسر ما يجدون في دروبها الملتوية، وشعابها المتعرجة، وطرقها الصاعدة الهابطة، فرصا طيبة تساعدهم على الهرب، وما أكثر ما يجدون في كهوفها المتعددة، وثناياها الغامضة المحجبة، وصخورها العالية المتناثرة، أماكن صالحة للاختفاء.
ففي أخبار تأبط شرا أنه أغار ومعه ابن براقة على بجيلة، فلما خرجت في آثارهما "مضيا هاربين في جبال السراة، وركبا الحزن"[3]، وفي أخبار مرة بن خليف[4] أنه غزا الأزد، "فأسند في جبل لهم منكر، ليجد فرصة فيغير"[5].
ثم إن هذه المنطقة، رابعا، تعرضت لظروف اقتصادية خاصة، سنعرض لها عند تفسيرنا الاقتصادي لظاهرة الصعلكة.
وأشهر الصعاليك الذين انتشروا في هذه المنطقة الجبلية صعاليك فهم وصعاليك هذيل، ومن انضم إلى أولئك وهؤلاء من خلعاء القبائل وشذاذها. [1] semple; influences of geographic environment, P. 586. [2] انظر تفصيل هذا في المصدر السابق: الموضع نفسه. [3] الأغاني 18/ 211. [4] ينص الأغاني على أنه من صعاليك فهم "18/ 215". [5] ابن حبيب: المحبر/ 198.
نام کتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي نویسنده : يوسف خليف جلد : 1 صفحه : 82