نام کتاب : الصداقة والصديق نویسنده : أبو حيّان التوحيدي جلد : 1 صفحه : 311
وقال آخر:
وكنت إذا الصديق نبا بأمري ... وأشرقني على حنق بريقي
غفرت ذنوبه وكظمت غيظي ... مخافة أن أعيش بلا صديق
هؤلاء إنما أوجبوا الإغضاء والاحتمال والصبر والكظم مع سلامة الإخاء، وإنما وقفوا بالصفح والعفو على ما يخلو الإنسان يأنس به من مثله، ألا ترى النابغة يقول: أي الرجال المهذب؟ والآخر يقول: مخافة أن أعيش بلا صديق، والآخر يقول: ومن قلة الإنصاف أن تطلب الأخ المهذب في الدنيا ولست مهذباً، نقول كما قالوا، ونغفر كما غفروا لو وجدنا من يسلم لنا جملة إخائه، وإنما نشكو فقد عمود الإخاء الذي حصوله يغفر ما دونه، وحيث بلغنا من هذه الشكوى، وهذا الذم، فلسنا نجحد النعمة في بقية جميلة في هذا الزمان من أحرار الإخوان قد قدمك الله فيهم فضلاً وبراً، وهمة عليه، وأخلاقاً رضية، ومع ذلك فإن على العاقل في شريطة الإخاء إذا وجد موضع الدين والوفاء أن يقتصد في المؤاخاة، ويتقصر من العدة على من تفي طاقته بما يجب لهم، فإن حقوقهم إذا زادت على وسعه لحقته الإضاعة لبعضها، وجنت الإضاعة عليه العداوة ممن أضاع حقه، ولذلك قيل: كثرة الأعداء من كثرة الأصدقاء، وانتظم في هذا المعنى:
إذا اتسع الإخاء عرت حقوق ... مراعيها مقيم في مضيق
فإن خصت رعايته فريقاً ... أخل بما عليه في فريق
وإن رام القيام لهم جميعاً ... بشرط الود لم يك بالمطيق
نام کتاب : الصداقة والصديق نویسنده : أبو حيّان التوحيدي جلد : 1 صفحه : 311