نام کتاب : الصداقة والصديق نویسنده : أبو حيّان التوحيدي جلد : 1 صفحه : 313
الاجتماع على وحشة الافتراق، ومن بهجة اللقاء على لدغة الشوق وكثرة التوق، ومن راحة المباوحة والمفاوضة على ضيق الصدور بالأسرار، وكرب النفوس بالكتمان إلا وجدتهما، ولا تشاء أن تجد أمثالهما قد جمعتهما الديار، واعترضت بينهما الأحداث، فاجتماعهما في معنى التفرق، وقربهما في صورة البعد، إلا أن شوقهما أبرح، ونزاعهما إلى اللقاء أشد، وحسرتهما على ما يفوت منع أكثر إلا رأيتهما، فأما إهوان اللقاء، وعبيد العيون الذين تجمعهم الرغبة والرهبة، ويتزاورون في لمواصلة من العهدة إذا ولت مطمعة، وأخلفت مخيلة، أو نابت نائبة، فاكتراثهم لأعراض الدهر بينهم تستر، لأن الحاضر منهم لا تزعجه من أخيه الغيبة، والغائب لا تقر عينه بالأوبة، فالفرقة لا تورثهم وحشة، والاجتماع لا يجدد لهم أنسة، وربما وجدت تراضيهم بمخالفة ظاهرهم باطنهم، قد أتيح لهم متعة بعشرتهم لأن كلا منهم قد قدم التحرز من صاحبه، واستشعر الاحتراس منه، فليس بستودعه ما يخاف ضياعه، ولا يأمنه على ما يحتاج إلى الاهتمام به، وأعطاه مقداراً من ظاهره، وقفت عليه عادته، وأسقطت مؤونة التحصيل عنه، ولبسته على علم به، فإن أظهر له جميلاً لم يغتر بظاهرة، وإن وقف على غل أو غش لم يجدد له علماً بباطنه، فليس يبدو له من أفعاله ما ينفره فيقطعه ولا يغيب عنه منها ما يأمنه فيسكن إليه، ويخاف جناية الاسترسال عليه، ولا يبقيه في مشهده ومغيبه منه ما لا يعرفه، فيجريان
نام کتاب : الصداقة والصديق نویسنده : أبو حيّان التوحيدي جلد : 1 صفحه : 313