responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العبرات نویسنده : المنفلوطي، مصطفى لطفي    جلد : 1  صفحه : 88
رَفَعَ رَأْسه وَوَضْع يَده عَلَى عَاتِقهَا وَسَأَلَهَا مَا بُكَاؤُك يَا أُمَّاه ? قَالَتْ أَبْكِي عَلَيْك يَا بَنِي وَعَلَيْهَا قَالَ إِنْ كُنْت بَاكِيَة قَبْلك عَلَى غَيْرِي أَمَّا أَنَا فَلَسْت بِحَزِين وَلَا بَاكٍ فَقَدْ كُنْت أَحْبَبْت هَذِهِ اَلْفَتَاة لِأَنَّهَا كَانَتْ تُحِبّنِي وَقَدْ اِسْتَحَالَ قَلْبِي اَلْآن إِلَى اَلصَّخْرَة عَاتِيَة لَا يَنَال مِنْهَا شَيْء فَلَا رَجْعَة لِي إِلَيْهَا بَعْد اَلْيَوْم ثُمَّ مَسَحَ عَنْ خَدّه آخَر دَمْعَة كَانَتْ تَنْحَدِر فِيهِ وَقَامَ إِلَى بَقَرَته فَأَخَذَ بِزِمَامِهَا وَمَضَى بِهَا إِلَى اَلْمَزْرَعَة وَحْده.
لَقَدْ كَذَّبَتْ اَلْمِسْكِين نَفْسه فَإِنَّهُ مَا سَلَّا سُوزَان وَلَا هَدَأَتْ عَنْ قَلْبه لَوْعَة حُبّهَا وَلَكِنَّهَا الغضبة اَلَّتِي يُغْضِبهَا اَلْمُحِبّ اَلْمَهْجُور تُخَيَّل إِلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ نَفَضَ يَده مِنْ اَلْمُحِبّ أَشَدّ مَا يَكُون بِهِ عَالِقًا فَإِنَّهُ مَا وَصَلَ إِلَى اَلْمَزْرَعَة وَأَرْسَلَ سائمته فِي مَرْعَاهَا حَتَّى رَأَى كَوْكَب اَلشَّمْس يتناهض مِنْ مَطْلَعه قَلِيلًا قَلِيلًا وَيُرْسِل أَشِعَّته اَلْيَاقُوتِيَّة اَلْحَمْرَاء عَلَى هَذِهِ اَلْكَائِنَات فَتُنِير ظَلَامهَا وَتَجْلُو صَفْحَتهَا وَتَتَرَقْرَق مَا بَيْن خضرائها وغبرائها فَأَعْجَبَهُ مَنْظَر هَذِهِ اَلطَّبِيعَة اَلْمُتَلَأْلِئَة بَيْن يَدَيْ هَذَا اَلْكَوْكَب اَلْمُنِير وَدَار بِنَظَرِهِ فِي اَلْفَضَاء مِنْ مُشْرِقَة إِلَى مغربة فَلَمَّحَ فِي اَلْأُفُق اَلْغَرْبِيّ بارقا يَخْطِف اَلْبَصَر بِلَآلِئِهِ فَخُيِّلَ إِلَيْهِ أَنَّ اَلْمَغْرِب قَدْ أَطْلَعَ فِي أَفْقَه شَمْسًا كَتِلْكَ اَلَّتِي اطلعها اَلْمَشْرِق حَتَّى تُبَيِّنهُ فَإِذَا هُوَ لَوَّحَ كَبِير مِنْ اَلزُّجَاج أَصْفَر مُسْتَدِير تعابثه أَشِعَّة اَلشَّمْس فِيمَا تعابث مِنْ اَلْكَائِنَات فالتمع التماعا شَدِيدًا فَاسْتَرَدَّ بَصَره إِلَيْهِ سَرِيعًا وَوَضْع يَده عَلَى يُسْرَى أَضْلُعه كَأَنَّمَا يَحُول بَيْن قَلْبه وَبَيْن اَلْفِرَار لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ اَللَّوْح اَلزُّجَاجِيّ اَلْأَصْفَر إِنَّمَا يُلَوِّح فِي بُرْج مِنْ أَبْرَاج اَلْقَصْر اَلْأَحْمَر.
هُنَا عَلِمَ أَنَّ نَفْسه قَدْ كَذَّبَتْهُ فِيمَا حَدَّثَتْهُ وَأَنَّ تِلْكَ اَلْبَارِقَة.

نام کتاب : العبرات نویسنده : المنفلوطي، مصطفى لطفي    جلد : 1  صفحه : 88
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست