responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العبرات نویسنده : المنفلوطي، مصطفى لطفي    جلد : 1  صفحه : 96
لَهَا مِنْ بَرْد اَللَّيْل حَتَّى لَمْ يُبْقَ عَلَى جَسَدهَا إِلَّا قَمِيص وَاحِد تَرِكَته لِيَكُونَ سَتْرًا لِعَوْرَتِهَا عِنْد اِنْتِشَال جُثَّتهَا ثُمَّ حَنَّتْ عَلَى اَلطِّفْلَة بِرِفْق فَلَثَمَتْهَا فِي جَبِينهَا لثمة أَوْدَعَتْهَا كُلّ مَا فِي صَدْرهَا مِنْ حُبّ وَرَحْمَة وَرِفْق وَحَنَان ثُمَّ هَتَفَتْ قَائِلَة اَلْوَدَاع يَا مَارِي سَنُلْقِي عَمَّا قَلِيل يَا جلبرت اَلْمَغْفِرَة يَا كَاتْرِين وَأَلْقَتْ بِنَفْسِهَا فِي اَلْمَاء.
قُضِيَ المركيز اَللَّيْلَة اَلْأُولَى مِنْ لَيَالِي شَهْر اَلْعَسَل مَعَ عَرُوسه فِي شُرْفَة اَلْقَصْر يُسَمِّرَانِ وَيَتَنَاجَيَانِ وَيَذْهَبَانِ بِنَظَرِهِمَا حَيْثُ تَذْهَب خَضِرَة اَلْأَرْض وَتَمْتَدّ زُرْقَة اَلسَّمَاء وَتَطْرُد مِيَاه اَلنَّهْر وَيَتَقَلَّبَانِ بَيْن سَعَادَة حَاضِرَة وَأُخْرَى مَرْجُوَّة وَيَرْشُفَانِ مِنْ كُلّ كَأْس مِنْ تِلْكَ اَلْكُؤُوس رَشْفَة تُكْثِرَا بِمَا عِنْدهمَا مِنْهَا حَتَّى ثَمِلَا وَاسْتَغْرَقَا وَأَصْبَحَا لَا يَشْعُرَانِ بِشَيْء مِمَّا حَوْلهمَا فَلَمْ يستفيقا حَتَّى سَمِعَا دَوِيّ اَلرِّيح فِي أَبْرَاج اَلْقَصْر وَفِي ذوائب اَلْأَشْجَار فَعَلِمَا أَنَّهَا اَلزَّوْبَعَة فَنَهَضَا مِنْ مَكَانهَا لِيَذْهَبَا إِلَى مَضْجَعهَا.
فَإِنَّهُمَا لواقفان مَوْقِفهمَا هَذَا إِذْ لَمَّحَتْ المركيزة فِي وَجْه المركيز دَهْشَة وَاضْطِرَابًا وَرَأَتْهُ يَلْتَفِت اِلْتِفَاتًا شَدِيدًا كَأَنَّمَا يَتَسَمَّع لِصَوْت غَرِيب فَسَأَلَتْهُ مَا بَاله فَلَمْ يُجِبْهَا وَأَطَلَّ مِنْ اَلشُّرْفَة عَلَى اَلنَّهْر فَرَأَى كَمَا رَأَتْ هِيَ عَلَى نُور اَلْقَمَر طِفْلَة وَاقِفَة عَلَى اَلضَّفَّة تَصِيح وَتُعَوِّل وَتُشِير بِيَدِهَا نَحْو اَلْمَاء وَتَقُول أُمَّاه أُمَّاه فَنَظَرَا حَيْثُ تُشِير فَإِذَا اِمْرَأَة عَارِيَة إِلَّا قَلِيلًا تَتَخَبَّط فِي لجج اَلْمَاء تَخَبُّط اَلْغَرْقَى فَتَرَكَ المركيز مَكَانه وَنَزَلَ يَعْدُو إِلَى اَلنَّهْر وَهُوَ يَقُول والهفتاه إِنْ كَانَتْ هِيَ وَصَاحَ بِخَدَمِهِ أَنْ يَتْبَعُوهُ فَفَعَلُوا حَتَّى بَلَغَ مَوْقِف اَلطِّفْلَة فَعَرَفَ أَنَّهَا اِبْنَته وَأَنَّ اَلْغَرِيقَة سُوزَان فَأَظْلَمَ اَلْفَضَاء فِي عَيْنَيْهِ وَأَشَارَ إِلَى أَحَد خَدَمه أَنْ
يُعَوِّد بِالطِّفْلَةِ إِلَى اَلْقَصْر وَأَمْر

نام کتاب : العبرات نویسنده : المنفلوطي، مصطفى لطفي    جلد : 1  صفحه : 96
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست