responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العيون الغامزة على خبايا الرامزة نویسنده : البَدْر الدَّماميني    جلد : 1  صفحه : 5
فإن قلت: إلى ماذا أشار بقوله (لا سوى) ؟ قلت: إما على أن المراد بالجزئين لفظا التفعيل الخماسي والسباعي، فأشار به إلى نفي أن تكون البحور مركبة بحسب الأصالة من غير الجزأين الخماسي والسباعي، فلا يركب شيء منها في دائرته من سواهما. وإما على أن المراد بالجزئين السبب والوتد، فأشار به إلى نفي الفاصلتين الصغرى والكبرى، فإن بعض العروضيين ذهب إلى عدهما فيما تتفرع عنه الأجزاء، وهو باطل، لأن الصغرى مركبة من سبب ثقيل فسبب خفيف، فلا حاجة معهما إلى عدها، والكبرى لا تكون إلا في جزء مزاحف، وهو مستفعلن الذي يخبل بحذف سينه وفائه فينقل إلى فعلن، فهذه الأحرف الأربعة المتحركة إنما اجتمعت فيه بعد التغيير، وليس الكلام فيه، إنما الكلام في الجزء الأصلي السالم من التغيير، والله أعلم قال:
وأولُ نُطْق المرءِ حرفٌ محركٌ ... فإنء يأتِ ثانٍ قيل ذا سببٌ بدَا
خفيفٌ متى يسكنْ وإلا فضُّدهُ ... وقُلْ وتدٌ إنْ زدتَ حرفاً بلا امتِرا
أقول: قد عرفت أن الأجزاء التي يزن بها العروضيون مركبة من السبب والوتد، فشرع الناظم في الكلام عليهما أولاً، ثم على الأجزاء ثانياً.
ومن المعلوم أن الحرف الذي ينطق به أولاً لا بد أن يكون متحركاً ضرورة أن الابتداء بالساكن متعذر، فإذا ابتدأ الناطق بحرف فهو متحرك، ثم إذا أضاف إليه حرفاً ثانياً فمجموعها يسمى عندهم سبباً. لكن إن كان ذلك الحرف الثاني ساكناً فهذا السبب هو السبب المسمى بالسبب الخفيف لخفته بسكون آخره، وإن كان ذلك الحرف الثاني متحركاً فهو السبب الثقيل وهو المراد بقوله (وإلا فضده) ، أي وإلا يسكن الثاني فهو ضد الخفيف، أي ثقيل، سمي بذلك لثقله بحركة آخره. فإن زاد الناطق حرفاً ثالثاً فمجموع تلك الأحرف الثلاثة يسمى وتداً.
وليس المراد أن الوتد عين السبب بزيادة حرف عليه، وإنما المراد أن الناطق متى أتى بحرف محرك ثم بحرفين بعده فذلك هو الوتد. وإنما خصوا الثنائي بلفظ السبب، والثلاثي بلفظ الوتد، لأن الثنائي رأوه معرضاً للزحاف والتغيير، فلا يكاد يثبت على حالة فشبهوه بالحبل الذي يقطع مرةً ويوصل آخرى، والحبل يسمى سبباً، والثلاثي غير معرض للزحاف وإن عرضت له علة دامت، فشبهوه بالوتد الثابت في الأحوال كلها قال:
وسمِّ بمجموعٍ فعلْ وبضدِّه ... كفعلَ ومن جنسيهما الجُزء قد أتَى
خماسيةُ قل والسباعيّ ثم لا ... يفوتُك تركيباً وسوف إذنْ تَرَى
أقول: قد سبق أن الناطق إذا نطق بثلاثة أحرف أولها متحرك سمي مجموعها وتدا، لكن إن كان الحرف الثاني متحركاً والثالث ساكناً مثل فعل بتحريك العين وإسكان اللام سمي وتداً مجموعاً، للجمع بين متحركيه، وإن كان الثاني ساكناً والثالث متحركاً مثل فعل بتسكين العين وتحريك اللام سمي وتداً مفروقاً، لفرق الساكن بين متحركيه، وهو معنى قول الناظم (وبضده كفعل) أي وسم بضد المجموع، وهو المفروق، ما كان مماثلاً لفعل.
ويقع في عبارة كثير من القوم ومنهم الشارح الشريف: (الوتد المجموع حرفان متحركان بعدهما ساكن، والوتد المفروق حرفان متحركان بينهما ساكن) . ولا أراها موفية بالمقصود، بل هي فاسدة لأن مقتضاها أن يكون كل م الوتدين عبارة عن حرفين، وهو باطل، فإن قلت: قولهم (بعدهما ساكن) أو (بينهما ساكن) وقع صفةً للحرفين المتحركين، ولا يلزم من تقييدهما بهذه الصفة دخول متعلقهما مع الموصوف في الإخبار عن المسند إليه الذي هو قولهم الوتد المجموع أو المفروق.
فإن قلت: اجعله على حذف حرف العطف، أي وبعدهما ساكن أو وبينهما، فيلزم أن يكون المخبر به عن الوتد ثلاثة ضرورة وجود حرف العطف المشترك.
قلت: مثله لا يجوز في السعة على ما هو مقرر في النحو.
وضمير الاثنين في قول الناظم (ومن جنسيهما) عائد على السبب والوتد، أي أن الجزء من حيث هو أعم من أن يكون خماسياً أو سباعياً أتى من جنسي السبب والوتد، أي تركب منهما، فلا يخلو منهما جزء من أجزاء التفاعيل الأصلية كما تراه.
ولا ينبغي أن يكون قوله (خماسية) فاعلاً لقوله (أتى) لما يلزم عليه من عيب التضمين، وإنما يجعل فاعل (أتى) ضميراً يعود على الجزء، ويكون (خماسية) فاعلاً بفعل محذوف يدل عليه الملفوظ به، أي أتى خماسية.

نام کتاب : العيون الغامزة على خبايا الرامزة نویسنده : البَدْر الدَّماميني    جلد : 1  صفحه : 5
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست