نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 162
ما جعله يحشد فيه كثيرًا من ألفاظ العامة، وخاصة إذا كان الغلام أعجميًّا؛ فإنه يستحلفه بآلهة العجم وبكتبهم المقدسة وما يؤلهون من كواكب ويقدسون من كهنة النار، ويسوق له في أثناء ذلك كلمات أعجمية كثيرة. وكان في هجائه كغزله بالغلمان يتعابث ويتماجن، وأحيانًا يجد، فيَرْمي بالزندقة ويقذف في الأعراض على شاكلة بشار. وهجاؤه الأول أخف، ومن أمثلته هجاؤه لإسماعيل بن نيبخت، وكان يرتعي على مائدته؛ ولكنه لم يسلم من عبثه، فقال فيه1:
خبز إسماعيل كالوشـ ... ي إذا ما شُقَّ يُرفا
وقال أيضًا2:
على خبزِ إسماعيلَ واقيةُ البخل ... وقد حلَّ في دارِ الأمانِ من الأكلِ
وما خبزُه إلا كآوى يرى ابنها ... ولم تر آوى في الحزن ولا السهلِ
وما خبزه إلا كعنقاء مغربِ ... تصوَّرُ في بُسُط الملوك وفي المثل
يحدَّث عنها الناس من غير رؤيةٍ ... سوى صورة ما إن تمر ولا تحلي
وكان يتوقر في مديحه وشعره الرسمي، ويختار له إطارًا جزلًا قويًّا متينًا، يقدم له بوصف الصحراء على طريقة القدماء، وقد وصف في قصيدته التي مدح به الخصيب رحلته من بغداد إلى الفسطاط، وهي التي يقول فيها3:
فما جازه جودٌ ولا حلَّ دونه ... ولكن يصير الجودُ حيثُ يصيرُ
وكان يجنح في مديحه إلى المبالغة والإسراف على نفسه في الارتفاع بالممدوحين عن البشر؛ حتى ليقول في الرشيد4:
وأَخَفْتَ أهلَ الشِّركِ حتَّى إنَّه ... لتخافُكَ النُّطَفُ التي لم تُخْلَقُ
ويقول في الأمين -إن صح أنه له- مستغلًا طريقة المتكلمين5:
ألا يا خيرَ منْ رأتِ العيونُ ... نظيرُك لا يحسُّ ولا يكونُ
1 الديوان ص172.
2 الحيوان 3/ 129، والديوان 171، وأخبار أبي نواس 127.
3 الديوان ص98.
4 الديوان ص62.
5 الديوان ص116، ونسب ابن المعتز الأبيات للنظام. انظر: طبقات الشعراء، ص272.
نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 162