نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 66
أمر أن يُحْمَلَ له على البريد[1]، وظل ينادمه حتى توفِّي، فاتجه بشعره إلى الولاة. ويقال إنه رحل إلى السند يستميح واليها هشام بن عمرو[2]، وله شعر في وصف حيوانها[3]. ولما دعا لنفسه عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر في الأيام الأخيرة من دولة بني أمية نادمه ولم يفارقه حتى قضى عليه الأمويون[4]، ولعل ذلك ما جعل الخليفة المنصور يعطف عليه، ويقربه منه؛ غير أنه نقل إليه أنه يُغْوي ابنه جعفرًا ويفسده، فحبسه، ثم أخلى سبيله، وأقامه المهدي على صدقات البصرة[5]، ولا نراه يقتله في الزنادقة الذين قتلهم، وظل يعيش في خلافة الرشيد؛ إذ توفي سنة 170 للهجرة.
وترجمته في الأغاني تصوِّر فُجْره، وكيف كان لا يفيق من مجون إلا إلى مجون، فهو غارق في اللذات وفي حب الجواري والإماء اللائي يراهن في دور النخاسة وخاصة دار "بربر"؛ غير آبه بشيء من التقاليد الاجتماعية التي تواضع عليه الناس في حياتهم المألوفة، ولا يترك جارية لصديق مثل حماد عجرد ويحيى بن زياد إلا ويفسدها عليه ودائمًا يجثو بين أيدي الجواري، يقدم إليهن حبه، وكان منهن من يتدللن؛ فلا يزال يستأنف معهن السعي والإلحاح حتى يقبلن عليه. وممن كان يكثر فيهن من الشعر مكنونة وريم وجوهر جارية بربر، ومن غزله في أولاهن، وكانت تُدلُّ عليه، فلا يكفّ عن تعلقه بها والتعرض لها6:
يا رَبِّ إنك تعلم ... أني بمكنون مُغْرَمْ
وأنني في هواها ... ألقى الهوان وأعظم
إن الملولَ إذا ما ... ملَّ الوصال تجرَّم7
أولا فمالِيَ أجفَى ... من غير ذنبٍ وأحْرَم
وكانت ريم جارية لبعض النخاسين ببغداد، وله فيها غزل كثير يصف فيه [1] أغاني 13/ 277. [2] أغاني 13/ 290. [3] الحيوان 7/ 170. [4] أغاني 13/ 279. [5] أغاني 13/ 319، وانظر 13/ 287 وما بعدها.
6 أغاني 13/ 312.
7 تجرم عليه: ادعى عليه ذنبًا لم يفعله.
نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 66