responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفن ومذاهبه في النثر العربي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 125
لغتنا لم يصبها أثناء ذلك شيء من الفساد، فقد عمدوا إلى تخصيص بعض ألفاظها للدلالة على المصطلحات الفلسفية والعلمية الجديدة، وكان إذا اضطرهم معنى لفظ أجنبي إلى الاحتفاظ به عربوه، كما حدث في أسماء كثير من النباتات والأحجار، والعقاقير والأمراض، وبعض أسماء الآلات أو أسماء بعض العلوم، وكانوا كثيرا ما يضيفون صيغا جديدة، ولكنهم لم يبتعدوا بها عن تراكيب العربية، ومن يقرأ كتب ابن المقفع، وهو من أوائل المترجمين يرى كيف استطاع أن يضفي على أساليبه الطوابع العربية تامة كاملة.
وبذلك اتسعت لغة الصحراء، وأصبحت لغة ثقافية ذات أسلوب مرن يستوعب كل ما لدى الأجانب من كنوز المعرفة، ومذاهب الفلسفة مما كان له أثره في الأدب نثره وشعره، كما كان له أثره في العلوم الإسلامية كعلم الكلام، والفقه، وحتى في علم اللغة نفسه، وما اتصل به من علم النحو، فقد وضع الخليل خطة أول معجم في العربية، وهو "معجم العين"، ورتبه على مخارج الحروف بالضبط كما يرتب الهنود حروف لغتهم، وكان يعرف علم الموسيقى، وعلى هديه أو باستيحائه وضع عروض الشعر وموازينه، ولا ننسى المنطق اليوناني فصلته بالنحو العربي مقررة، ومعنى ذلك العلوم المنقولة أثرت في تلك العلوم اللغوية، كما أثرت في جميع العلوم العربية الإسلامية الخالصة، وليس من باب الاتفاق أن يأخذ فقهاء العراق بالقياس، أو يسموا بأصحاب الرأي، وقد أخذ المؤرخون يكتبون في التاريخ على ضوء ما قرأوا عند الأمم الأجنبية من كتاباته، مما أتاح للطبري أن يكتب موسوعته التاريخية الكبرى.
وعلى هذا النحو أصبح النثر في العصر العباسي متعدد الفروع، فهناك النثر العلمي، والنثر الفلسفي والنثر التاريخي، والنثر الأدبي الخالص، وكان في بعض صوره امتدادًا للقديم، وكان في بعضها الآخر مبتكرا لا عهد للعرب به، على شاكلة ما هو معروف في كتابات سهل بن هارون والجاحظ، وظلت الخطابة مزدهرة في أوائل هذا العصر، وإن كان قد أسرع الذبول إلى الخطابة الحفلية، إذ لم تعد القبائل تقدم بوفودها على الخلفاء، كما كان الشأن في عصر

نام کتاب : الفن ومذاهبه في النثر العربي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 125
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست