نام کتاب : الفن ومذاهبه في النثر العربي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 237
أن يعبر عن معان، بل هي أن يعبر عن أساليب يحفظها الطلاب، وما من شك في أن هذا كان أحد الأسباب في شيوع العبارات المحفوظة في اللغة العربية، إذ نجدها تميل منذ الخوارزمي إلى الاحتفاظ بصيغ خاصة من التعبيرات، يرددها الأدباء في كتاباتهم.
وليس هذا كل ما يلاحظ على تصنيع الخوارزمي، وتطرفه فيه، بل إننا نلاحظ عليه أشياء أخرى، لعل في مقدمتها أنه يكثر من الإشارات التاريخية[1]، كما يكثر من ذكر الشعر، وهي حال أوسع من أن ندل عليها، وأيضًا فإنه كان يكثر من نثر الشعر، وإدماجه في كتابته، بل إنه ليعترف بأنه يكثر من إغارته على الكتاب، الذين سبقوه إذ يقول صراحة: "ما زلت أسرق من هذا كلمة، وأنظر من ذاك فقره، وأستعير من هناك نادرة وثيقة، أغصب الأحياء على بيانهم، وأنبش الموتى من أكفانهم"[2]، ونراه في مقدمة إحدى رسائله يقول: "كتابي وأنا في سلامة إلا من الحر الذي يذيب دماغ الضب، ويشبه قلب الصب، وهذا سرقته، من رسائل الوزير الجليل ابن عباد، وليس بأول غارة الكردي على الحاجي، ولا بأول أخذ الطرار، ما التجار"[3]، ولعل هذه السرقة وأمثالها هي التي جعلته يصف أسلوبه بأنه "سجع ملزق، وكلام ملفق"[4]. والحق أننا نجد عند الخوارزمي ميلا واضحًا إلى الحذلقة في التعبير، وإنها لحذلقة تؤديه أحيانًا إلى أن تصنع لبعض ألفاظ من النجو، إذ يقول لصديق له: "وكيف صرت المستثنى، وقعدت على طريق إلا"[5]، وقد نحس هذه الحذلقة نفسها في رسائل التصنيع كقوله في إحدى رسائله: "لقد أراحني الشيخ ببره، لا بل أتعبني بشكره، وفزعني بصادق قيامه لا بل شغلني بتعديد إحسانه وإنعامه، وخفف ظهري من ثقل المحن، لا بل أثقله بأعباء المنن، وأحياني بحقيق الرجاء، لا بل أماتني بقرط الحياء"[6]، وعلى [1] رسائل الخوارزمي ص35، 97. [2] رسائل الخوارزمي ص36. [3] نفس المصدر ص79. [4] نفس المصدر ص34. [5] نفس المصدر ص26. [6] نفس المصدر ص106.
نام کتاب : الفن ومذاهبه في النثر العربي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 237