نام کتاب : الفن ومذاهبه في النثر العربي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 326
من القرآن، كما عنوا كثيرًا بحل الشعر وتضمينه، وليس معنى ذلك أنهم عقدوا نثرهم على نحو ما رأينا عند أبي العلاء وأصحابه، فإن حياتهم التي كانت تقوم على الفتن من جهة، وعلى الحروب من المسيحيين من جهة أخرى، لم تتح لهم الفرصة للتأني والتمهل، فلم يطبع أدبهم بطابع التعقيد، وإن كان ذلك يظهر فيه من حين إلى حين، ونحن نقف عند أهم كاتب ظهر في هذا العهد، وهو ابن زيدون، لنطلع على الصورة الفنية للكتابة حينئذ.
ابن زيدون:
هو، أحمد بن عبد الله ... بن زيدون المخزومي القرطبي[1]، ولد بقرطبة عام 394 للهجرة، وتوفي بإشبيلية عام 463 [2]، وكان من أبناء وجوه الفقهاء بقرطبة[3]، ولما قامت الفتن في أواخر حكم الأمويين أسهم فيها، إذ كان هواه مع الثائرين، ومن أجل ذلك قربه أبو الحزم جهور أمير قرطبة، إلا أن هذه المكانة لم تدم له طويلًا إذ نسبت إليه مؤامرة على السطان، وتصادف أن كان هناك أديبة شاعرة يتعلق بها ابن زيدون، وهي ولادة بنت المستكفي، ولهما مطارحات ومجالس محفوظة[4]، وكان ينافسه فيها ابن عبدوس، فاصطدم كل منهما بالآخر، وكان ابن زيدون كاتبًا، فكتب رسالة هزلية طويلة على لسان ولادة إلى ابن عبدوس، يزعم فيها أنه أرسل لها سيدة تمدحه لها، وتحاول أن تعقد الصلة بينه وبينها، فنهرتها نهرًا شديدًا، ولم تكتف بذلك، بل كتبت له هذه الرسالة، وكلها تهكم به وسخرية، ولم يرد ابن عبدوس على خصمه برسالة أخرى، بل دبر له مؤامرة واسعة النطاق، جعلت أبا الحزم بن جهور يحبسه، وقد كتب إليه ابن زيدون من السجن برسالة طويلة، تسمى الرسالة الجدية يستعطفه بها، وكذلك استعطفه برسائل، وقصائد أخرى إلا أنه لم يرق له، وأخيرًا يعفو عنه مستجيبًا فيه لشفاعة ابن أبي الوليد، ولما ولي بعده سنة 435 اتخذه سفيرًا بينه وبين رؤساء الأندلس [1] انظر في ابن زيدون كتابنا عنه في سلسلة نوابغ الفكر العربي "طبع دار المعارف". [2] وفيات الأعيان 1/ 44. [3] الذخيرة 1/ 290، ووفيات الأعيان 1/ 43. [4] الذخيرة 1/ 376.
نام کتاب : الفن ومذاهبه في النثر العربي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 326