responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت الحوفي نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين    جلد : 1  صفحه : 129
ومن ذلك ما ذكرته في ذم الدنيا، وهو:
"أنكاد الدنيا مشوبة بالأشياء التي جبلت النفوس على حبها، وكل ما يستلذه الأبدان من مأكلها فإنه يضرها من جهة طبها، ولهذا يذَمَّمُ من منفعة الهليلج[1]، ومضرَّة اللوزينج، وأعجب من ذلك أنه لا ينتفع الإنسان بشيء من لذاتها إلّا ضره من جهة ثوابه، وهو كالذي ينتفع باصطلاء النار وهي محرقة لأثوابه، وقد ضرب لذلك مثل من الأمثال، وقيل: إن كل ما ينفع الكبد مضرٌ بالطحال".
وهذا مأخوذ من الأمثال العربية والمولدة.
ومن ذلك ما ذكرته في الزهد، وهو:
الناس في الدنيا أبناء الساعة الراهنة، وكما أن النفوس ليست فيها بقاطنة، ولهذا كانت المآتم بها كالأعراس يتفرّق ندي جمعها، فهذه تَنْسَى ما مضى من لذة سرورها, وهذه تَنْسَى ما مضى من ألم فجعها، ولا شبيه لها على ذلك إلّا الأحلام التي يتلاشى خيالها عاجلًا، وتجعل اليقظة حقها باطلًا، وما ينبغي حينئذ أن يفرح بها مقبلة, ولا يُؤْسَى عليها مدبرة، وكل ما تراه العين منها ثمَّ يذهب فكأنها لم تره، وغاية مطلوب الإنسان منها أن يمد له في مدة عمره، ويُمْلَى له في امتداد كثره, أمَّا تعميره فيعترضه المشيب الذي هو عدم في وجود, وهو أخو الموت في كل شيء إلّا في سكنى اللحود، فالجوارح التي يدرك بها الشهوات ترى وكل منها قد تحول، وأصبح كالطلل الدارس الذي ليس عنده من معول، فلا ليلى بليلى, ولا النوار بالنوار، ولا الأسماع أسماع, ولا الأبصار أبصار، وأمَّا ماله فإنه أمسكه فهو عرضة لوارث يأكله، أو لحادث يستأصله, وإن أنفقه كان عليه في الحلال حسابًا، وفي الحرام عقابًا، فهذه زهرة الدنيا الناضرة، وهذه عقباها الخاسرة".

[1] ذكره أكثر كتب اللغة باسم "الإهليلج" بفتح اللام الثانية وكسرها، والواحدة بهاء، ثمر منه أصفر ومنه أسود وهو البالغ النضج، ذكر أنَّه يحفظ العقل ويزيل الصداع.
نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت الحوفي نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين    جلد : 1  صفحه : 129
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست