نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت الحوفي نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين جلد : 1 صفحه : 260
فالمصراع الأول غير محتاج إلى الثاني في فهم معناه، لكن لمَّا جاء الثاني صار مرتبطًا به، وكذلك ورد قول أبي تمام:
ألم يأن أن تُروِى الظماء الحوائم ... وأن ينظم الشمل المبدَّد ناظم1
وعليه ورد قول المتنبي:
الرأي قبل شجاعة الشجعان ... هو أولٌ وهي المحل الثاني2
المرتبة الثالثة: أن يكون الشاعر مخيرًا في وضع كل مصراعٍ وضع صاحبه, ويسمَّى "التصريع الموجه" وذلك كقول ابن الحجاج البغدادي3:
من شروط الصبوح في المهرجان ... خفة الشَّرْبِ مع خلو المكان4
فإن هذا البيت يجعل مصراعه الأوّل ثانيًا, ومصراعه الثاني أولًا، وهذه المرتبة كالثانية في الجودة.
المرتبة الرابعة: أن يكون المصراع الأول غير مستقرّ بنفسه، ولا يفهم معناه إلّا بالثاني, ويسمَّى "التصريع الناقص"، وليس بمرضي ولا حسن، فممَّا ورد منه قول المتنبي:
مغاني الشعب طيبًا في المغاني ... بمنزلة الربيع من الزمان5
فإن المصراع الأول لا يستقلّ بنفسه في فهم معناه دون أن يذكر المصراع الثاني.
1 ديوان أبي تمام 285، وهو مطلع قصيدة يمدح بها أحمد بن أبي داود.
2 ديوان المتنبي 4/ 174 وهو مطلع قصيدة في مدح سيف الدولة.
3 هو أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن الحجاج، ذكره الثعالبيّ في يتيمة الدهر، قال: وقد اتَّفق من رأيته وسمعت به من أهل البصيرة في الأدب وحسن المعرفة بالشعر على أنه فرد زمانه في فنِّه الذي شهر به، وأنه لم يسبق إلى طريقته، ولم يلحق شأوه في نمطه، ولم ير كاقتداره على ما يردّه من المعاني التي تقع في طرزه، مع سلاسة الألفاظ وعذوبتها، وانتظامها في سلك الملاحة والبلاغة، وإن كانت مفصحة عن السخافة.. ولكنه على علّاته تتفكّه الفضلاء بثمار شعره، وتستملح الكبراء ببنات طبعه، وتستخف الأدباء أرواح نظمه، ويحتمل المحتشمون فرط رفثه وقذعه، ومنهم من يغلو من الميل إلى ما يضحك ويمنع من نوادره.
4 يتيمة الدهر 3/ 65، ورواية الثعالبيّ للشطر الثاني "خفة الشغل مع خلوِّ المكان".
5 ديوان المتنبي 4/ 251 وهو مطلع قصيدة يمدح بها عضد الدولة وولديه أبا الفوارس وأبا دلف، ويذكر طريقه بشعب بوان، وهو موضع كثير الشجر والمياه يعد من جنان الدنيا.
نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت الحوفي نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين جلد : 1 صفحه : 260