نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت محيي الدين عبد الحميد نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين جلد : 1 صفحه : 105
وإعجامه بالضرب والطعن، فكأنني عكست المعنى الذي ذكره أبو تمام، وهذا مقصد في حل الأبيات الشعرية حسن، فإن استخراج المعنى من عكسه أدقّ من استخراجه من نفسه، وقد نبهت على ذلك في مواضع أخر من هذا الباب.
ومن ذلك ما ذكرته في فصل من كتاب يتضمن فتحا من فتوح الكفار، وهو:
وأقبلت أحزاب الكفر وهي معتصمة بصليبها، ورفعته على أعواد عالية كهيئة خطيبها، ولم تعلم أن الله كتب عليه الهوان بعد تلك الكرامة، وأنه ذو شعب أربع والتربيع نحس في حكم النّجامة «1» وكيف ترجو بكفرها ظهورا ولها منه معنى الاختفاء وللإسلام معنى السلامة؛ ولما التقى الجمعان اصطفقت يمين وشمال، وزحفت جبال إلى جبال، وكثرت النفوس على المنايا حتى كادت لا تفي بالآجال، وأقدمت الخيل إقدام فرسانها، وأظلم النقع فلا تبصر إلا بآذانها، ونالت النحور ثأرها من كعوب الرماح، واشتكت الأسنّة فلا طريق بينها لمهبّ الرياح، واستؤصلت شجرة الكافرين بالقطع لا بالجداد، وحال حدّ السيف دون حديد الأصفاد، ونقلوا إلى جهنم يصلونها وبئس المهاد، وانقلب المسلمون وقد ملئوا الأغماد نصرا، والصحائف أجرا، والأيدي وقرأ، والقلوب جذلا والألسنة شكرا، وكان ذلك اليوم في الأيام علما، وفي الأقسام قسما، ولم يره الزمان منسوبا إليه إلا راجع شبابا بعد أن ناهز هرما.
في هذا الفصل شيء من معاني الشعر، وذلك من قول أبي الطيب المتنبي «2» :
نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت محيي الدين عبد الحميد نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين جلد : 1 صفحه : 105