نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت محيي الدين عبد الحميد نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين جلد : 1 صفحه : 142
له عند الوقوف إلا من تبحّر في الوقوف على الأخبار النبوية؛ ومن أجل ذلك جعلته ركنا من أركان الكتاب في الفصل التاسع.
ومن ذلك ما ذكرته في ذم بعض البلاد الوخمة، فقلت: ومن صفاتها أنها مدرة مستوبلة الطينة، مجموع لها بين حرّ مكة ولأواء المدينة، إلا أنها لم يأمن حرمها في الخطفة، ولا نقلت حمّاها إلى الجحفة.
في هذه الكلمات القصار آية من القرآن الكريم، وخبران من الأخبار النبوية؛ فالآية من سورة العنكبوت، وهي قوله تعالى: أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم
وهذا موضع يختص بالأخبار لا بالآيات، غير أن الآية جاءت ضمنا وتبعا، وأما الخبران فالأول منهما قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من صبر على حرّ مكّة ولأواء المدينة ضمنت له على الله الجنّة» وأما الثاني فقوله صلّى الله عليه وسلّم في دعائه للمدينة: «اللهمّ حبّبها إلينا كما حبّبت إلينا مكة وانقل حمّاها إلى الجحفة» .
فانظر أيها المتأمل إلى هذه الكلمات حتى تعلم أن عدتها مصوغة من الآية والخبرين سواء بسواء، وهذا طريق لو ادّعيت الانفراد بسلوكه لما اختلف عليّ في الاعتراف به اثنان.
ومن ذلك ما كتبته في كتاب إلى بعض الإخوان جوابا عن كتاب ورد، وكان كتابه تأخر عني زمانا طويلا، فقلت: ولما تأملته ضممته إليّ والتزمته، ثم استلمته والتثمته، وعلمت أن المعارف وإن قدمت أيامها أنساب وشيجة، وتأسّيت «1» بالخلق النبوي في العجوز التي كانت تأتي في زمن خديجة.
وهذا مأخوذ من الخبر المنقول عن عائشة رضي الله عنها، وهو أنها قالت:
كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يذبح الشاة فيعضّيها «2» أعضاء ويقسمها في أصدقاء خديجة، وكانت تأتيه عجوز فيكرمها ويبسط لها راءه، فسألته عن ذلك، فقال: «هذه كانت تأتينا في زمن خديجة وحسن العهد من الإيمان» .
نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت محيي الدين عبد الحميد نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين جلد : 1 صفحه : 142