نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت محيي الدين عبد الحميد نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين جلد : 1 صفحه : 156
كأنها كلوة، وشعر قطط «1» كأنه زبيبة، وبين صورة رومية بيضاء مشربة بحمرة، ذات خد أسيل، وطرف كحيل، ومبسم كأنما نظم من أقاح، وطرّة كأنها ليل على صباح، فإذا كان بإنسان من سقم النظر أن يسوّي بين هذه الصورة وهذه فلا يبعد أن يكون به من سقم الفكر أن يسوي بين هذه الألفاظ وهذه، ولا فرق بين النظر والسمع في هذا المقام؛ فإن هذا حاسة وهذا حاسة، وقياس حاسة على حاسة مناسب.
فإن عاند معاند في هذا، وقال: أغراض الناس مختلفة فيما يختارونه من هذه الأشياء، وقد يعشق الإنسان صورة الزنجية التي ذممتها ويفضلها على صورة الرومية التي وصفتها قلت في الجواب: نحن لا نحكم على الشاذ النادر الخارج عن الاعتدال، بل نحكم على الكثير الغالب، وكذلك إذا رأينا شخصا يحبّ أكل الفحم مثلا أو أكل الجصّ والتراب ويختار ذلك على ملاذّ الأطعمة، فهل نستجيد هذه الشهوة أو نحكم عليه بأنه مريض قد فسدت معدته وهو يختار إلى علاج ومداواة؟.
ومن له أدنى بصيرة يعلم أن للألفاظ في الأذن نغمة لذيذة كنغمة أوتار، وصوتا منكرا كصوت حمار، وأن لها في الفم أيضا حلاوة كحلاوة العسل، ومرارة كمرارة الحنظل، وهي على ذلك تجري مجرى النغمات والطعوم.
ولا يسبق وهمك أيها المتأمل إلى قول القائل الذي غلب عليه غلظ الطبع، وفجاجة الذهن «2» بأن العرب كانت تستعمل من الألفاظ كذا وكذا، فهذا دليل على أنه حسن، بل ينبغي أن تعلم أن الذي نستحسنه نحن في زماننا هذا هو الذي كان عند العرب مستحسنا، والذي نستقبحه هو الذي كان عندهم مستقبحا؛ والاستعمال
نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت محيي الدين عبد الحميد نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين جلد : 1 صفحه : 156