نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت محيي الدين عبد الحميد نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين جلد : 1 صفحه : 181
واللطافة على أقصى الغايات، وهذا هو الكلام الذي يسمى السّهل الممتنع، فتراه يطمعك ثم إذا حاولت مماثلته راغ عنك كما يروغ الثّعلب، وهكذا ينبغي أن يكون من خاض في كتابة أو شعر؛ فإن خير الكلام ما دخل الأذن بغير إذن.
وأما البداوة والعنجهية في الألفاظ فتلك أمة قد خلت؛ ومع أنها قد خلت وكانت في زمن العرب العاربة فإنها قد عيبت على مستعملها في ذلك الوقت، فكيف الآن وقد غلب على الناس رقة الحضر؟.
وبعد هذا، فاعلم أن الألفاظ تجري من السمع مجرى الأشخاص من البصر، فالألفاظ الجزلة تتخيل في السمع كأشخاص عليها مهابة ووقار، والألفاظ الرقيقة تتخيل كأشخاص ذي دماثة ولين أخلاق ولطافة مزاج، ولهذا ترى ألفاظ أبي تمام كأنها رجال قد ركبوا خيولهم، واستلأموا «1» سلاحهم، وتأهّبوا للطّراد، وترى ألفاظ البحتري كأنّها نساء حسان عليهنّ غلائل «2» مصبّغات وقد تحلّين بأصناف الحلي، وإذا أنعمت نظرك فيما ذكرته ههنا وجدتني قد دللتك على الطريق، وضربت لك أمثالا مناسبة.
واعلم أنه يجب على الناظم والناثر أن يجتنبا ما يضيق به مجال الكلام في بعض الحروف، كالثاء والذال والخاء والشين والصاد والطاء والظاء والغين؛ فإن في الحروف الباقية مندوحة عن استعمال ما لا يحسن من هذه الأحرف المشار إليها، والناظم في ذلك أشدّ ملامة؛ لأنه يتعرّض لأن ينظم قصيدة ذات أبيات متعددة فيأتي في أكثرها بالبشع الكريه الذي يمجّه السمع لعدم استعماله، كما فعل أبو تمام في قصيدته الثائية التي مطلعها.
قف بالطّلول الدّارسات علاثا «3»
نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت محيي الدين عبد الحميد نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين جلد : 1 صفحه : 181