نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت محيي الدين عبد الحميد نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين جلد : 1 صفحه : 325
العباس رضي الله عنه قال: يا رسول الله؛ إن قريشا تذاكرت أحسابها فضربوا لك مثالا بنخلة بكبوة، وكل هذه المعاني حسنة واردة في موضعها، ومن كتب في معنى من المعاني حسنة واردة في موضعها، ومن كتب في معنى من المعاني فليكتبه هكذا، وإلّا فليدع.
ومن ذلك رقعة كتبتها إلى بعض حجّاب السلطان في حاجة عرضت لي، وأرسلت معها هدية من ثياب ودراهم، وهي:
ما من صديق وإن صحّت صداقته ... يوما بأنجح في الحاجات من طبق
إذا تلثّم بالمنديل منطلقا ... لم يخش نبوة بوّاب ولا غلق
الهديّة مشتقة من الهدى، غير أنها ترفّ إلى القلب لا إلى الندى، وصهارتها أنفع من الصهارة، وكلما تردّدت كانت بكرا فهي لا تنفك عن البكارة، ومن خصائصها أنها تمسك بمعروف أمن من السراح، وإذا رامت فتح باب لا تفتقر في علاجه إلى مفتاح، وقد قيل: إنها الحسناء المتأنقة في عمارة بيتها، التي توصف بأن القنديل يضيء بزيتها، وقد أرسلتها إلى المولى وهي تتهادى في إعجابها، وتدلّ بكثرة دراهمها وثيابها، وتقول: أنا الكريمة في قومها الشريفة في أنسابها، وأحسن ما فيها أنها جاءت سرّا، لم تعلم بها اليد اليمنى من اليسرى؛ فخذها يا مولاي واكشف نقابها، وأمط عنها جلبابها، وقد كانت منك حرة وهي الآن في حيّز المملكة، ومن السنة في مثلها أن تؤخذ بالناصية ويدعى [لها] بالبركة، والسائر بها فلان وهو في الجهل بها حامل أسفار، وناقل لها من دار إلى دار، ولربما نطق لسان حالها الذي هو أفصح من نطق اللسان، وأذكرت بحاجة مرسلها وحاش فطانة الكريم من النسيان، وليس المطلوب إلا فضيلة من الجاه تسفر بين السائل والمسئول، وتنقل البعيد إلى درجة القريب والممنوع إلى درجة المبذول، فإذا فعل المولى ذلك كان له منة السّفارة ومنة الإنعام، وإن سمع بأن سعيا واحدا فاز بشكرين اثنين ففي مثل هذا المقام، ومن الناس من يقول: ليس على جانب السلطان ثقل في صنعه، وهل ههنا إلا كلمات تقال والكلام ماعون لا رخصة في منعه، ولم يدر أن ملاطفة الخطاب ضرب من الاحتيال، وأن نقل الخطوات فيه أثقل من نقل
نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت محيي الدين عبد الحميد نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين جلد : 1 صفحه : 325