نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت محيي الدين عبد الحميد نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين جلد : 1 صفحه : 382
وكل واحد من هذه الأقسام الأربعة المشار إليها لا يخلو التشبيه فيه من أربعة أقسام أيضا: إما تشبيه مفرد بمفرد، وإما تشبيه مركب بمركب، وإما تشبيه مفرد بمركب، وإما تشبيه مركب بمفرد.
والمراد بقولنا مفرد ومركب: أن المفرد يكون تشبيه شيء واحد بشيء واحد، والمركب تشبيه شيئين اثنين، وكذلك المفرد بالمركب، والمركب بالمفرد؛ فإن أحدهما: يكون تشبيه شيء واحد بشيئين، والآخر: يكون تشبيه شيئين بشيء واحد، ولست أعني بقولي: «تشبيه شيئين بشيئين» أنه لا يكون إلا كذلك، بل أردت تشبيه شيئين بشيئين فما فوقهما، كقول بعضهم في الخمر:
وكأنّها وكأنّ حامل كأسها ... إذ قام يجلوها على النّدماء
شمس الضّحى رقصت فنقّط وجهها ... بدر الدّجى بكواكب الجوزاء
فشبه ثلاثة أشياء بثلاثة أشياء؛ فإنه شبه الساقي بالبدر، وشبه الخمر بالشمس، وشبه الحبب الذي فوقها بالكواكب.
وإذا بيّنت أن التشبيه ينقسم إلى تلك الأقسام الأربعة فإني أقول: إن التشبيه المضمر الأداة قد قدمت القول في أنه ينقسم إلى خمسة أقسام؛ فالقسم الأول: لا يرد إلا في تشبيه مفرد بمفرد، والقسم الثاني: لا يرد إلا في تشبيه مفرد بمركب، والقسم الثالث: لا يرد إلا في تشبيه مركب بمركب، والقسم الرابع والخامس: لا يردان إلا في تشبيه مركب بمركب؛ ألا ترى أنا إذا قلنا في القسم الأول: زيد أسد، كان ذلك تشبيه مفرد بمفرد، وإذا قلنا في القسم الثاني: ما مثلناه به من الخبر النبوي وهو «الكمأة جدريّ الأرض» كان ذلك تشبيه مفرد بمركب، وكذلك بيت البحتري، وبيت أبي تمام المشار إليهما فيما تقدم، وإذا قلنا في القسم الثالث ما أشرنا إليه من الخبر النبوي أيضا الذي هو: «وهل يكبّ الناس على مناخرهم في نار جهنم إلا حصائد ألسنتهم» كان ذلك تشبيه مركب بمركب، وإذا قلنا في القسم الرابع والخامس: ما مثّلنا به من بيتي الفرزدق والبحتري كان ذلك تشبيه مركب بمركب، وإذا كان الأمر كذلك وجاءك شيء من التشبيه المضمر الأداة وهو من القسم الأول فاعلم أنه تشبيه مفرد بمفرد بمركب، وإذا جاءك شيء من القسم الثالث
نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت محيي الدين عبد الحميد نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين جلد : 1 صفحه : 382