نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت محيي الدين عبد الحميد نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين جلد : 1 صفحه : 52
نوالك على يقين، فإن نلته فربما وصلت إلى مورد لا يصل إليه الطير لبعده، وإذا نظر إلى ما قبل هذا البيت دلّ على المدح خاصة؛ لارتباطه بالمعنى الذي قبله.
وكثيرا ما كان يقصد المتنبي هذا القسم في شعره، كقوله من قصيدة أولها:
عدوّك مذموم بكل لسان ... ولو كان من أعدائك القمران
ولله سرّ في علاك وإنّما ... كلام العدا ضرب من الهذيان
ثم قال:
فما لك تعنى بالأسنّة والقنا ... وجدّك طعّان بغير سنان!؟
فإن هذا بالذم أشبه منه بالمدح؛ لأنه يقول: لم تبلغ ما بلغته بسعيك واهتمامك، بل بجد وسعادة، وهذا لا فضل فيه؛ لأن السعادة تنال الخامل والجاهد، ومن لا يستحقها، وأكثر ما كان المتنبي يستعمل هذا القسم في قصائده الكافوريات.
وحكى أبو الفتح بن جني قال: قرأت على أبي الطيب ديوانه، إلى أن وصلت إلى قصيدته التي أولها:
أغالب فيك الشّوق والشّوق أغلب
فأتيت منها على هذا البيت، وهو:
وما طربي لمّا رأيتك بدعة ... لقد كنت أرجو أن أراك فأطرب
فقلت له: يا أبا الطيب، لم تزد على أن جعلته أبا رنة، فضحك لقولي.
وهذا القسم من الكلام يسمى الموجّه: أي له وجهان، وهو مما يدل على براعة الشاعر وحسن تأتّيه.
وأما القسم الثالث: فإنه يكون أكثر وقوعا من القسم الثاني، وهو واسطة بين طرفين؛ لأن القسم الأول كثير الوقوع، والقسم الثاني قليل الوقوع، وهذا القسم الثالث وسط بينهما.
نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت محيي الدين عبد الحميد نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين جلد : 1 صفحه : 52