نام کتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي نویسنده : عبد اللطيف محمود حمزة جلد : 1 صفحه : 20
الثاني: أن يكون هذا النثر، على كل ما قدمناه ملائمًا لذوقها الجديد وميولها الجديدة، قيِّمًا في معناه, كما هو قيِّمٌ في لفظه, حر في معناه كما هو حر في لفظه أيضًا، ومعنى هذا: أن الكثرة المطلقة من الذين يقرأون العربية الآن, تحرص في حياتها كلها على أمرين:
- نحرص على قديمها؛ لأنها لا تريد أن تمحو شخصيتها.
- وتحرص على الجديد؛ لأنها لا تريد أن تكون أقلَّ من الغرب علمًا ولا أدبًا ولا حضارةً، وهذا النثر وحده الذي تقدم وصفه هو الملائم لهذا الذوق الجديد وهذه الآمال الجديدة.
وفي أدب المقالة الصحفية في مصر يتأكد لنا أن طبيعة المقال تستلزم بيئةً مناسبةً للنمو والازدهار, ويظهرنا التطور المقاليّ على أن البيئة الأولى التي وُلِدَ فيها المقال على أيدي رفاعة الطهطاوي, وعبد الله أبو السعود, ومحمد أنسى، وغيرهم، كان قصاراها أن حاولت إنشاء ما يسمى: بـ "المقال الصحفيّ", ذلك أنها كانت مقيدة في هذه المحاولة بقيود كثيرة, كان معظمها نتيجةً للظروف السياسية والاجتماعية والفكرية التي اكتنفت رجال تلك البيئة, وفرضت على المقال الناشئ صبغة علمية أدبية, أكثر منها سياسةً واجتماعيةً، من حيث الموضوع، أما من حيث الأسلوب, فقد كان كتَّاب البيئة الأولى مقيدين كذلك بقيود تقليدية، أورثت لغة المقال لونًا باهتًا من ألوان النثر العربيّ, لم يكن خليقًا أن يحتذى، ولا كان جديرًا بأن ينسج على منواله, ولكن البيئة الصحفية الثانيةلم تلبث أن سئمت هذا اللون الباهت، فنعم فيها المقال بقسط من الحرية في الموضوع, ومن الحرية في الأسلوب، نتيجةً لاتجاهها إلى لونٍ آخر من ألوان الجهاد القوميّ، فاتجهت إلى الإصلاح الاجتماعيّ والسياسيّ واللغويّ.
على أن المقال الصحفيّ في هذه البيئة لم يبرأ من عيوب المقال في البيئة الأول؛ حيث لم يستطع كتابه أن يرسموا في أذهانهم صورةً صحيحةً للمقال الصحفيّ, كما يفهم من هذه الكلمة عند إطلاقها اليوم.
وإن كان هؤلاء الكتاب قد مهدوا لإدراك الفرق بين لغة الأدب ولغة الصحف, لظهور كتَّاب البيئة الصحفية الثالثة, التي ترتبط بظهور الصحافة اليومية، وهي
نام کتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي نویسنده : عبد اللطيف محمود حمزة جلد : 1 صفحه : 20