نام کتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي نویسنده : عبد اللطيف محمود حمزة جلد : 1 صفحه : 270
ثانيًا: انتزاع الفكاهة من الوقائع التي يرويها الكاتب، ولو كانت من الوقائع التافهة في ذاتها، وهكذا يستطيع المازني أن يستهوينا دائمًا، لا بأفكاره وآرائه، وإنما بقدرته على التصوير، وبراعته في انتزاع الفكاهة من الحياة بجميع صورها وأشكالها، وبما في هذه الحياة من جدٍّ وهزلٍ, وما فيها من أشياء قيمة وأخرى مهمة.
ثالثًا: استعمال اللغة التي تصور الواقع، أو التي تشتق منه في أغلب الأحيان، ما دامت هذه الأقاصيص، أو المقالات القصصية قطعةً من الحياة الواقعية، كما أراد لها الكاتب أن تكون كذلك.
من أجل هذا حرص المازني على أن يختزن في ذهنه مئات الذكريات، وألَّا يترك واحدةً منها في الماضي أو في الحاضر تفلت من ذاكرته بحالٍ ما، ذلك أن مطالب على الدوام بأن يمد هذه الصحيفة -أو تلك- بالمقال القصصيّ الذي تعوده منه القراء.
وفي ذلك يقول المازني أيضًا:
"وإن كتبت في الأسبوع مقالين، فجملة ذلك في العام يبلغ المائة، وكل مائة مقال تملأ ثلاثة كتب، فسيكون لي إذن بعد عشرة أعوام -إذا ظللت هكذا - ثلاثون كتابًا، خلاف ما أخرجت قبل ذلك.
والبلاء والداء العياء أن تكتب مرة مقالة فكاهيةً، والطامة الكبرى أن تكون المقالة جيدة، وأن تكون الفكاهة فيها بارعة، فلا راحة لك بعد هذا أبدًا؛ لأن الناس يظلون ينتظرون منك بعد ذلك أن تطرفهم بالفكاهات في كل مقال آخر، فإن اخطئوا عندك ما يطلبون من الفكاهة فالويل لك، وأنت عندهم ضعيف لا تحسن أن تكذب، أو غير موفق فيما تحاول حتى ولو كنت تكتب، والناس معذورون، فإن وطأة الحياة ثقيلة، وما دمت قد عودتهم أن تسليهم، وتضحكهم، أو أطمعتهم، وأنشأت في نفوسهم الأمل في هذا، فماذا تريد أن تتوقع؟.
نام کتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي نویسنده : عبد اللطيف محمود حمزة جلد : 1 صفحه : 270