نام کتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي نویسنده : عبد اللطيف محمود حمزة جلد : 1 صفحه : 51
ثالثا: أن الرأي العام استنادًا إلى النقطة السابقة لا ينبغي أن يكون ثمرة اندفاع عاطفيٍّ في المجتمع، ولا ينبغي أن يكون نتيجةً لتغلب طائفةٍ بعينها, ذات مصلحة خاصة من طوائف المجتمع, وليس من الضروريّ -كما قلنا- أن يكون مرتبطًا كل الارتباط بميراث الأمة من تقاليد وعادات ونحوهما.
ولنضرب المثل هنا بالحركة التي قام بها المرحوم قاسم أمين, باسم: "تحرير المرأة" فقد كان المصريون في القرن الماضي لا يعترفون بالسفور، ولا بحق المرأة في الاشتغال بالأعمال العامة، ولا بحقِّ المرأة حتى في التعليم، فجاء قاسم أمين وأخذ ينشر مقالاته التحررية في جريدة "المؤيد", وهاج الرأي العام في مصر، وتضاربت الآراء في هذا الشأن، وتعرض الكاتب نفسه لكثير من السخط والسخرية من جانب الشعب، وأخيرًا وبعد لأي أمكن لهذا الرأي أن يؤثر في نفوس الكثرة من المصريين الذين آمنوا بحقِّ المرأة في السفور وفي التعليم.
وهكذا استطاعت الصحافة بطريق الرأي العام أن تزعزع أركان رأي قديمٍ, كاد يصل في نفوس المصريين إلى حد التقديس، وأن تهدم عقيدةً من العقائد الاجتماعية التي وصلها المصريون بالدين الحنيف, بل هكذا جاءت الصحافة بالدليل القاطع على أن الرأي العام هو وحده القادر على تغيير النزعات العامة، وزعزعة العقائد الموروثة، ومحابة الآراء القديمة لتحلَّ محلها الآراء الحديثة.
رابعًا: إن التعبير عن الرأي العام لا يكون إلّا في جوٍّ من الحرية التامة، أما في ظل النظام الدكتاتوريّ, فإنه يتعذر على الرأي العام تحت ضغط من الحكام أن يقوم بهذا التعبير, إلّا بطريقة سرية، كثيرًا ما تكون أخطر على الحكومة الدكتاتورية من ألد أعدائها، وشر خصومها، وأخطر معارضيها.
فمنذ تطلعت الشعوب إلى التمتع بحريتها, لم تجد الصحافة ضمانًا قويًّا لبقاء هذه الحرية، ومن هنا بدأت العناية بأمر الصحف، والفضل في ذلك يرجع لأولئك الأبطال الذين استخدموا أقلامهم الحرة في الدفاع عن الحرية
نام کتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي نویسنده : عبد اللطيف محمود حمزة جلد : 1 صفحه : 51