يا سيدي لا تنس عهدي وما ... أطلب شيئاً غير ما تدري
فوقفت بوران على الرقعة وقالت: قد عرفت ما تريد، ثم قالت: يا أمير المؤمنين أنعم بالأذن في زفها إليك، فهو والله مكافأتها على شعرها.
فقال: ذلك إليك ففعلت فزفت معها، وسر المأمون بما اجتمع له من الألفة بين زوجته وحظيته. حكاية
سعيد بن مسلم الباهلي. قال: قدم على الرشيد أعرابي من باهلة، وعليه جبة حبر ورداء يمان، قد شده على وسطه ثم ثناه على عاتقه، وعمامة قد عصبها على خديه، وأرخى لها عذبة من خلفه؛ فقعد بين يدي الرشيد فقال له سعيد: يا أعرابي خذ في شرف أمير المؤمنين فاندفع في شعره، فقال له الرشيد: يا أعرابي أسمعك محسناً، وأذكرك فهماً، فقل لنا بيتين في هذين. يعني محمد الأمين وعبد الله المأمون ابنيه وهما حوله. فقال: يا أمير المؤمنين: أطلعتني على الوعر القردد، ولزحتني عن السهل الجدجد روعة الخلافة وبهر الدرجة ونفور القوافي عن البديهة فارددني تتألف لي نوافرها، وتسكن روعتي. قال: قد فعلت، وجعلت اعتذارك بدلاً من امتحانك فقال يا أمير المؤمنين نفست الخناق وأرسلت الميدان للسباق ثم أنشأ يقول:
بنيت بعبد الله ثم محمد ... درى قبة الإسلام فاخضر عودها
هما طنباها بارك الله فيهما ... وأنت أمير المؤمنين عمودها
فقال له الرشيد: وأنت يا أعرابي بارك الله فيك، فسل ولا تكن مسألتك دون إحسانك. قال " مائة ناقة " يا أمير المؤمنين، فأمر له بمائة ناقة وسبع خلع. حكاية
قالوا دخل عمارة بن حمزة على المنصور فقعد في مجلسه فقام رجل فقال: مظلوم يا أمير المؤمنين، قال: من ظلمك؟ قال: عمارة غصبني ضيعتي، فقال المنصور: قم يا عمارة فاقعد مع خصمك. فقال: ما هو لي بخصم يا أمير المؤمنين. قال وكف ذلك؟ قال: إن كانت الضيعة له فلست أُنازعه فيها، وإن كانت لي فهي له، ولا أقوم من مجلس قد شرفني به أمير المؤمنين، ورفعني إليه، وأقعد في أدنى منه بسبب ضيعة! حكاية
قيل لما تفرق الأمر على مروان الجعدي وأيقن بزوال ملكه وغلبه بنو هاشم عليه، قال لعبد الحميد بن يحيى كاتبه: أني قد احتجت أن تكون مع عدوي، وتظهر لهم الغدر في، فإن إعجابهم بأدبك وحاجتهم إليك يدعوهم إلى حسن الظن بك، فإن استطعت أن تنفعني في حياتي وألا تعجز عن حفظ حرمتي بعد وفاتي. فقال عبد الحميد: إن الذي أمرتني به أنفع الأمرين لك وأقبحهما بي. وما عندي إلا الوفاء حتى يفتح الله لك أو أُقتل معك ثم قال:
أُسر وفاءً ثم أُظهر غدرة ... فمن لي بعذر يوسع الناس ظاهره حكاية
حدث عمر بن شَبَّة، قال: وفد مطيع بن إياس على يزيد بن جرير ابن عبد الله القسري وقد مدحه بقصيدته التي أولها:
أمِنْ آل ليلى حرمت البكورا ... ولم تلق ليلى فتشفي الضمرا
وقد كنت دهرك فيما خلا ... ليلى وجارات ليلى زؤرا
إلى أن يقول في مديحه فيها:
تقول ابنتي إذا رأت رحلتي ... وقربت للبين عيساً وكورا
إلى من أراك، وقتك الحتو ... ف نفسي، تجشمت هذا المصيرا؟
فقلت إلى الفحل الذي ... يفك الأسير ويغني الفقيرا
أخي العرب أشبه عند الندى ... وحمل المثين أباه جريرا
إذا استكثر المجتدون القلي؟ ... ل للمعتفين استقل الكثيرا
إذا عسر الخير في المجتدي؟ ... ن كان لديه عتيداً يسيرا
وليس بمانع ذي حاجة ... ولا خاذل من أتى مستجيرا
بنفسي أقيك أبا خالد ... إذا ما العداة أغاروا النحورا