نام کتاب : المقال وتطوره في الأدب المعاصر نویسنده : السيد مرسي أبو ذكري جلد : 1 صفحه : 325
جذريًا في عقلية القيادة السياسية الحديثة في مصر, وبتغيير هذه العقلية تغيرت ملامح وجه السياسة المصرية تغيرًا كاملًا".
"لقد عمل الشعب المصري كل ما يمكن عمله لإخراج قوات الاحتلال, وترجم الساسة إرادة الشعب في مفاوضات بدأت منذ 1920 وتكررت هذه المفاوضات مرات ومرات إلى أن جاءت بمعاهدة 1936 التي نص فيها على الجلاء بعد عشرين سنة من هذا التاريخ، لكن هذه السنوات العشرين لم تكن تخلو من أسباب صنعها الاستعمار للبقاء على وجوده, وهنا لا بد أن نذكر أن شعب مصر كان في مكافحة إرادة الاستعمار وحيدًا لا تمتد إليه يد العون من أحد لدرجة أننا حين ذهبنا إلى مجلس الأمن في 1947 كي ينتصف لنا من الدولة المحتلة، أحالنا مجلس الأمن إلى مائدة التفاوض معها من جديد، وظلت هذه المفاوضات تتعثر إلى أن بلغت الغاية باتفاقية أكتوبر 1954 وهي الاتفاقية الوحيدة التي نفذت فعلًا في يونيو 1956 نتيجة للمتغيرات التي طرأت على السياسية المصرية وما كان لها من أثر في المحيط الدولي وصدى في السياسة البريطانية ذاتها.
"من هذا كله يتعين لنا مبلغ أهمية الثامن عشر من شهر يونيو 1956 ولقد أرادت القوى المضادة أن تفقد مصر مزية هذا اليوم، فدبرت العدوان الثلاثي على مصر في آخر أكتوبر من نفس السنة، لكن التغيير الذي كان قد طرأ على الإرادة المصرية بدد هذا التدبير، ثم جاءت إسرائيل في يونيو 1967 لتعيد عقارب الساعة إلى الوراء، وكان التدبير المضاد هذه المرة أكثر إحكامًا حتى خيل للعالم أننا قد رجعنا إلى الوراء أجيالًا، لكن الإرادة المصرية الجديدة قد استردت قوتها في أكتوبر 1973 فحولت الهزيمة إلى نصر، واستردت مصر مكانتها مضاعفة، وأصبحت ضلعًا من الأضلاع المرموقة في السياسة الدولية. فمن الناحية العسكرية أصبحت الخطط المصرية من الدروس العسكرية في العالم كله, ومن الناحية السياسية أصبح الأسلوب الذي استثمرنا به النصر مضرب الأمثال على الصعيد العالمي، وأصبح الذين يتكلمون الآن عن حلول المشاكل الدولية يحاولون أن يتمثلوا بما صنعته مصر على طريق السلام بعد نصر أكتوبر".
نام کتاب : المقال وتطوره في الأدب المعاصر نویسنده : السيد مرسي أبو ذكري جلد : 1 صفحه : 325