نام کتاب : المنازل والديار نویسنده : أسامة بن منقذ جلد : 1 صفحه : 45
ولقد وقفت على الرسوم فلم أجد ... عتباً على سكب الدموع الذرف
وسألتها حين انجذبت فلم تصخ ... فيه لدعوة عاشق مستوقف
دمن جنيت بها الهوى من غصنه ... وسحبت فيها اللهو سحب المطرف
فلأجرين الدمع إن لم تجره ... ولأعرفن الوجد إن لم تعرف
وقال ذو الرمة:
ألا حي بالزرق الرسوم الخواليا ... وإن لم تكن إلا رميماً بواليا
عفت برهة أطلال مي وأدرجت ... بها الريح تحت الغيم قطراً وسافيا
تحمل منها أهل مي فودعوا ... بها أهلها لا ينظرون التواليا
وقد كنت من مي إذ الحي جيرة ... على البخل منها ميت القلب ساهيا
وقال آخر:
بكيت وما أبكاني الرسم إذ عفا ... ولا الربع أضحى نويه وهو دائر
ولكنني لا أستفيق تذكراً ... وليس بمنفك من الدمع ذاكر
8- فصل في ذكر الآثار
قال تبارك وتعالى: (إنا نحن نحيي الموتى، ونكتب ما قدموا وآثارهم) . قيل: نحييهم بالإيمان بعد الكفر، وقيل: بالبعث، "ونكتب ما قدموا": ما عملوا من خير أو شر. "وآثارهم" ما أثروا من سنة حسنة، وسيرة يعمل بها بعدهم، وقيل: "آثارهم": خطاهم إلى المساجد.
وروى سفيان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري - رحمهم الله - قال: "كانت بنو سلمة في ناحية من المدينة، فأرادوا أن ينتقلوا إلى قريب من المسجد فنزلت: (إنا نحن نحيي الموتى، ونكتب ما قدموا وآثارهم) فقال لهم النبي: "إن آثاركم تكتب" فلم ينتقلوا.
وقد روى عن أبي سعيد الخدري - رحمه الله - أن بني سلمة شكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد منازلهم من المسجد، فأنزل الله سبحانه: (إنا نحن نحيي الموتى، ونكتب ما قدموا وآثارهم) فقالوا: عليكم منازلكم، فإنما تكتب آثاركم.
وقال عمر بن عبد العزيز - رضوان الله عليه -: لو كان الله تعالى مغفلاً شيئاً لأغفل هذه الآثار التي تعفوها الرياح. يعني قوله عز وجل: (إنا نحن نحيي الموتى، ونكتب ما قدموا وآثارهم) .
قال الأحوص:
ضوء نار بدا لعينيك أم شب ... بت بذي الأثل من سلامة نار
تلك بين الرياض والأثل والبا ... نات منا ومن سلامة دار
وكذاك الزمان يذهب بالنا ... س، وتبقى الرسوم والآثار
وقال المتنبي:
تصفو الحياة لجاهل أو غافل ... عما مضى فيها، وما يتوقع
ولمن يغالط في الحقائق نفسه ... ويسومها طلب المحال فتقنع
أين الذي الهرمان من بنيانه؟ ... ما قومه؟ ما يومه؟ ما المصرع؟!
تتخلف الآثار عن أربابها=حيناً، ويدركها الفناء فتتبع وللبيد بن ربيعة السبق إلى هذا المعنى الذي قصده الأحوص بقوله:
فعفا آخر الزمان عليهم ... فعلى آخر الزمان الدمار
وكذاك الزمان يذهب بالنا ... س وتبقى الرسوم والآثار
وقال سلم بن عمرو الخاسر:
سلام على الأطلال والمنزل القفر ... وإن كان لا يعنيه وصلي ولا هجري
ولكن آثار الأحبة بينها ... بلين، وما تبلى البلابل في صدري
وقال البحتري:
لا تأمرني بالعزاء، وقد ترى ... أثر الخليط، ولات حين عزاء
زدني اشتياقاً بالمدام وغنني ... أعزز علي بفرقة القرناء
فلعلني ألقى الردى فيريحني ... عما قليل من جوى البرحاء
وقال أبو الفرج الواواء:
لمن أسائل لا رسم ولا أثر ... رحلتم وأقام الدمع والسهر
كنتم لعيني صباحاً لا مساء له ... فعاضها البين ليلا ماله سحر
وما أعاب بشيء بعد فرقتكم ... غير البقاء فإني منه أعتذر
وقال علي بن أحمد بن أبي أمية الكاتب:
يا ريح ما تصنعين بالدمن ... كم لك من محو منظر حسن
محوت آثارنا وأحدثت آثا ... راً بربع الحبيب لم تكن
إن تك يا ربع قد بليت من الر ... يح فإني بال من الحزن
قد أوردت هذه الأبيات بتمامها وخبرها في فصل المغاني.
وقلت:
أعاضني الدهر من رؤياكم نظري ... آثاركم، وبرغمي ذلك العوض
ثم استقال فقد أضحت موانعه ... دون التداني من الآثار تعترض
فقل لمن يمنع الحل المباح غداً ... توفى وحقك ما أصبحت تقترض
وقال مهيار:
عمي صباحاً بعدنا وانعمي ... يا دار صفراء على الأنعم
نام کتاب : المنازل والديار نویسنده : أسامة بن منقذ جلد : 1 صفحه : 45