نام کتاب : المنازل والديار نویسنده : أسامة بن منقذ جلد : 1 صفحه : 67
عن محمد بن يزداد، قال: دخلت على المأمون يوماً فرأيته وبيده رقعة، فقال لي: يا محمد، قرأت ما فيها؟ قلت: هي في يد أمير المؤمنين، فرمى بها إلي، فإذا فيها مكتوب:
إنك في دار لها مدة ... يقبل فيها عمل العامل
أما ترى الموت محيطاً بنا ... يقطع فيها أمل الآمل
تعجل الذنب لما تشتهي ... وتأمل التوبة من قابل
والموت يأتي بعد ذا بغتة ... ماذا بفعل الحازم العاقل
قلما قرأتها قال لي المأمون: هذا من أحكم شعر قرأته وقال المساور بن هند بن قيس بن زهير العبسي:
ودار حفاظ قد حللتم مهانة ... بها نبيكم، والضيف غير مهان
إذا سئلوا ما ليس بالحق فيهم ... أبى كل مجني عليه وجان
وقال ريطة بنت عاصم:
وقفت فأبكنني بدار عشيرتي ... على رزئهن الباكيات الحواسر
غدوا كسيوف الهند وراد حومة ... من الموت أعيا وردهن المصادر
فوارس حاموا عن حريمي وحافظوا ... بدار المنايا، والقنا متشاجر
ولو أن سلمى نالها مثل رزئنا ... لهدت، ولكن تحمل الرزء عامر
وقال البحتري:
يا دار لازالت رباك مجردة ... من كل سارية تعل وتنهل
أذكرتنا دول الزمان وصرفه ... وأريتنا كيف الخطوب النزل
أصبابة برسوم رامة بعدما ... عرفت معارفها الصبا والشمأل
وسألت من لا يستجيب فكنت في استخ ... باره كمجيب من لا يسأل
وقال البحتري أيضاً:
هب الدار ردت رجع ما أنا قائله ... وأبدى الجواب الربع عما تسائله
أفي ذاك برء من جوى ألهب الحشى ... توقده، واستغزر الدمع جائله
هو الدمع موقوفاً على كل دمنة ... نعرج فيها أو خليط نزايله
ترادفهم خفض الزمان ولينه ... وجادهم طل الربيع ووابله
وقال آخر:
يا دار أضحت خلاء لا أنيس بها ... إلا الظباء، وإلا الناشط الفرد
أين الذين إذا ما زرتهم جذلوا ... فطار عن قلبي التشواق والكمد؟
وقال آخر:
لمن الدار أقفرت بمعان ... بين شط اليرموك فالصمان
فالقريات من بلاس فداريا ... فسكاً إلى الرسوم الدواني
فقفا جاسم، فأودية الصف ... ر مغى قبائل وهجان
ذاك مغنى لآل جفنة في الده ... ر وحقاً تصرف الأزمان
نكلت أمهم ... وقد ثكلتهم
يوم حلوا بحارث الجولان
وقال آخر:
عجباً لي ولاغتراري بدار ... لست أبقى لها ولا تبقى لي
ما تصافي قوم على غير ذات الله ... إلا تفرقوا عن تقالي
وقال آخر:
يا مشيد الحصن يبغي نفعه ... قلما تغني من الموت الحصون
تطلب التخليد في دار الفنا ... خاب من يطلب شيئاً لا يكون
سائل الأيام عن أملاكها ... أي در قطعت عنها اللبون
كم بها من راكض أيامه ... وله من ركضها يوم حرون
وقال آخر:
نعمر الدنيا وما الدن ... يا لنا دار إقامه
إنما الغبطة والحس ... رة في يوم القيامة
روى أن فاطمة بنت الحسن - رضوان الله عليه - نظرت إلى دار زوجها الحسن بن الحسين - رضي الله عنهما - فغطت وجهها وقالت:
وكانوا رجاء ثم صاروا رزية ... لقد عظمت تلك الرزايا وجلت
ثم ضربت على قربه فسطاطاً أقامت فيه سنة، فلما استكملتها أمرت بالفسطاط فقلع، ودخلت المدينة، فسمعت قائلاً يقول - من جانب البقيع -: هل وجدوا ما فقدوا؟ وقائلاً من الجانب الآخر يقول: بل يئسوا فانقلبوا.
قال وهب بن منبه - رحمه الله -: نحن بنو آدم من نسل الجنة، سبانا إبليس إلى الدنيا بخطية أبينا، فليس لنا إلا البكاء حتى نعود إلى الدار التي سبانا منها.
روى أن عبد الله بن عبيد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود - رحمه الله - باع دراً بثمانين ألف درهم، فقيل له: لو اتخذت لولدك من هذا المال ذخراً فقال: أنا أجعل هذا المال ذخراً لي عند الله تعالى، وأجعل الله سبحانه ذخراً لولدي، ثم تصدق بالمال.
كتب رجل إلى صالح بن عبد القدوس:
الموت باب وكل الناس داخله ... فليست شعري بعد الباب ما الدار؟
فكتب إليه صالح:
الدار جنة عدن إن عملت بما ... يرضي الإله وإن فرطت فالنار
نام کتاب : المنازل والديار نویسنده : أسامة بن منقذ جلد : 1 صفحه : 67