responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المنهاج الواضح للبلاغة نویسنده : حامد عونى    جلد : 1  صفحه : 81
بالمحسوس يفيد زيادة قوة وتمكين, كما في قول الشاعر:
إن القلوب إذا تنافر ودها ... مثل الزجاجة كسرها لا يجبر
شبه الشاعر القلوب المتنافرة بالزجاجة المتصدعة بجامع تعذر العودة إلى الحالة الأولى. ولما كان تنافر القلوب، وتعذر عودتها إلى التواصل كما كانت من الأمور المعقولة التي لا تطمئن إليها النفس أيما اطمئنان أراد أن يبرز هذا المعنى في شيء يرى بالعين لتسكن إليه النفس, وتؤمن به إيمانًا قويًّا. فشبه بالزجاجة إذا تصدعت, ومثل هذا التشبيه تجد فيه من تقرير الغرض، وتمكينه في الذهن ما لا تجده في غيره؛ لأن الجزم بالأمور الحسية أتم منه بالأمور العقلية وليس من شك في أن التئام الزجاجة بعد صدعها من الأمور المقطوع بتعذرها لتقررها في عالم الحس, ألا ترى لو وصفت يومًا بالطول فقلت: يوم كأطول ما يتوهم, أو كأنه لا آخر له أكنت تحس من الأنس والأريحية بمثل ما تجده في قول الشاعر:
ويوم كظل الرمح قصر طوله ... دم الزق عنا واصطكاك المزاهر1
وهل تراك لو وصفته بالقصر فقلت: هو كأقصر ما يتصور، أو كلمح البصر أكنت ترى فيه من تجسيم المعنى وتشخيصه ما تراه في قولهم: أيام كأباهيم القطا[2], أو في قول الشاعر:
ظللنا عند باب أبي نعيم ... بيوم مثل سالفة الذباب3
ذلك أن اطمئنان القلب إلى المحسوس أقوى وأتم "كما عرفت" لهذا يقول الله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} .
وإن شئت المثل الأعلى لهذا النوع فعليك "بكتاب الله" في غير موضع

1 المراد بدم الزق الخمر, وهو على تقدير مضاف أي: شرب دم الزق, والزق: وعاء الخمر, و"عنا" حال من دم الزق أي: حالة كونه صادرا عنا, والمزاهر جمع: مزهر بكسر الميم, وهو العود الموسيقي، واصطكاكها: ضرب بعضها ببعض.
[2] الأباهيم: جمع إبهام بكسر الهمزة, وهو أكبر أصابع اليد والرجل, والقطا جمع: قطاة, وهي طائر سريع الحركة.
3 سالفة الذباب: مقدم أعناقه.
نام کتاب : المنهاج الواضح للبلاغة نویسنده : حامد عونى    جلد : 1  صفحه : 81
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست