responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية نویسنده : لويس شيخو    جلد : 1  صفحه : 21
ومن الآثار التاريخية اليونانية عن نفوذ النصرانية في اليمن ما رواه المؤرخ الأريوسي فيلوسترجيوس من كتبة القرن الرابع ووائل الخامس. فكان هذا من قباذوقية وكتب تاريخاً في اثني عشر كتاباً دافع فيه عن أعمال الأريوسيين مباشرة من السنة 300 إلى 425 وتاريخه مفقود ألا ما نقله عنه فوطيوس البطريرك القسطنطيني في مكتبته يبلغ نحو ثمانين صفحة ومما روي هناك أن الإمبراطور قنسطنسيوس ابن قسطنطين الكبير المتشيع للأريوسية أرسل نحو السنة 356 وفداً من الرومان إلى الحميرية في اليمن وكان يترأس الوفد تاوفيل الهندي من جزيرة سرنديب أي سيلان. فرحل هذا إلى بلادهم ودخل على الملك وقدم لها ألطافاً وهدايا فنال لديه الخطوى وبشر هناك بالدين المسيحي واسترخص بتشييد الكنائس بل جادل اليهود الذين وجدهم في بلاط الملك وأقنع الملك بل حجج الدامغة عن صحة النصرانية حتى نصره. وشيّد تاوفيل ثلاث كنائس: الأولى في حاضرتهم ظفار والثانية في عدن على ساحل الاوقيانوس (الهندي) حيث كان ينزل الرومان للمتاجرة والثالثة في فرضة عند مدخل خليج العجم يظنونها هرمز وعين للمنتصرين رئساً ثم رحل.
هذا ما رواه فيلستورجيوس إلا أن تشيعه للأريوسية حدا به إلى القول أن النصرانية لم تدخل بلاد العرب قبلاً والأمر على خلاف ذلك كما رأيت. والمؤرخون يرون أن الاسقف الذي أمضى أعمال مجمع نيقية سنة 325 باسم "يوحنا أسقف الهند" إنما كان أسقفاً على اليمن وقد سبق أن اسم الهند كثيراً ما أطلق على اليمن. وكذلك قد بين العلاَّمة المستشرق السنيورك. روسيني أن الملك قسطنسيوس لم يقصد بوفده إلى ملك حمير أمراً دينياً محضاً وإنما أراد أن ينهج للرومان طريقاً تجارية في البحر إلى اليمن ويعقد محالفة مع الحميريين ضد الفرس وملكهم سابور الثاني، أما اسم الملك المتنصر على يد تاوفيل في اليمن فلم يذكره المؤرخ فيلسترجيوس ولعله مرثد بن عبد كلال المالم على ماي ظن من السنة 330 إلى 350 وقد اطرأ الثعالبي في طبقات الملوك حلمه وحبه للفقراء وحكمته وتساهله وقال عنه أنه لم يشأ أن يقلق رعاياه بسبب دينهم. أو هو وليعة بن مرثد الذي تعصب أولاً لليهودية ثم عدل إلى النصرانية. وقد جاء للفيروزبادي ما يؤيد نصرانية هؤلاء الملوك حيث قال "أن كثيراً من ملوك اليمن والحيرة تنصروا".
ومما يشهد على ثبات المعاهدة التجارية المبرمة بين الرومان والعرب قانون سنَّه تاودوسيوس الكبير في تلك الأثناء نظَّم فيه أمور الوفود الراحلين إلى الحميريين والحبشة من الإسكندرية.
ومن الشهود على نفوذ النصرانية في اليمن القديس هيرونيموس فإنه غير مرة ذكر بين المتنصرين أهل الهند والحبشة. من ذلك رسالته إلى مارسلا الرومانية (Migne, P.L., XXII. 489) حيث يعدد فئات المتقاطرين لزيارة الأراضي المقدسة وكلهم على إيمان واحد ممن كان يشاهدهم ويحادثهم فجعل في مقدمتهم العجم والأرمن وعرب اليمن (الذين دعاهم بأهل الهند) والحبشة. وكذلك كرر قوله في رسالته إلى السيدة ليتا (Ibid., XXII. 870) وخص بالذكر "رهبان الهند" أي اليمن كما قلنا.
وفي ترجمة القديس سمعان العمودي التي كتبها تاودوريطس في القرن الخامس قد ذكر غير مرة بين الذين قصدوا القديس على عموده عرب حمير وقد رآهم تاودوريطس عياناً قال (Migne, P.G., LXXIV. 104) : "ولا يتزاحم حول سمعان أهل بلادنا فقبل بل يأتيه جموع من الإسماعيليين والعجم والأرمن ولكرج ولحميريين" وكذلك كتب أنطونيوس تلميذ لقديس (Ibid., LXXXII, 328) : "قد نصَّر سمعان العمودي أمماً عديدة من الشرقيين (السراكسة) والعجم والأرمن والإسكوتيين ذووي القبائل". وقد صرَّح باسم تلك القبائل قدرينوس المؤلف فقال أنهم "الحميريون".
ثم أن النصرانية لم تدخل فقط إلى اليمن من جهة الجنوب ومن بلاد الرومان ولكن نفذت ليها من جهات الشمال وخصوصاً من العراق فمن المعلوم أن ملوك الفرس كانوا يسعون في محالفة ملوك اليمن ويتقربون إلى أهلها ليستعينوا بهم على رد غارات الرومان. وكذلك ملوك اليمن والحبشة ربما أوفدوا الوفود إلى ملوك العجم ليبرموا معهم المعاهدات كما روى المؤرخون.

نام کتاب : النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية نویسنده : لويس شيخو    جلد : 1  صفحه : 21
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست