responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية نویسنده : لويس شيخو    جلد : 1  صفحه : 33
فهذا العدد الوافر من الأديار وكثرة المترهبين فيهما دليل واضح على سطوع ضياء النصرانية بين عرب العراق في ختام لاقرن الرابع للمسيح. فان كل دير منها كان كينبوع من المياه الحية يسقي تلك الأرجاء فينبت للخلاص الثمار الطيبة.
وكان المنتصرين يمارسون من الفضائل اسماها ومن الأعمال المبرورة أفضلها وأولاها حتى أنهم ما كانوا يحجمون عن الموت والعذابات لأجل دينهم كما يروى عن السفراء الثلاثة الذين أوفدهم ملك العجم إلى القيصر يليانوس المارق سنة 361 وأسماؤهم مانويل (أو عمانويل) وشابيل وةاسماعيل اراد يليانوس ان يغصبهم على السجود للأصنام فأبوا وماتوا في سبيل دينهم القويم في القسطنطينية وأعمالهم مدونة في مجموع اليولنديين (Acta Sanctorum, d. XVII Junii) . وكان قبلهم سفيران آخران (سنة 250) قد وفدا على دقيوس من قبل الفرس اسمهما عبدون وسنان وفضلا الموت على جحود النصرانية فقتلا في رومية وعيدهما في الكنيسة في 30 تموز وبعد هؤلاء نساك الرعاق بزمن قليل قام في الكنيسة الانطاكي قديس آخر اشتهر في الشرق والغرب معاً نريد به القديس سمعان العمودي المولود نحو سنة 360 للمسيح الذي رقي عموده في الجبل المعروف باسمه في جهات إنطاكية وأضحى بعد مدة كمنارة استضاء بها العالم كله. وسيرته قد كتبها أحد تلاميذه المسمى انطون فنشرت في أعمال الآباء اللاتينيين (Migne, P.L. t. 73, P. 329) وكتبها أيضاً تاودوريطس معاصره الذي كان يتردد عليه وهو من أوثق المؤرخين وأصدقهم رواية. وكذلك روى أعماله كثيرون من السريان فنشرت تآليفهم في هذه المدات الأخيرة. ومن يتصفحها ما ناله العرب من فضل القديس سمعان. وقد مر لنا ذكر الحميريين الذين كانوا يقصدونه من اليمن. وكان العراقيون من العرب ينتابونه بشوق أعظم لقربهم منه. اسمع ما كتبه تاودوريطس اسقف قورش بعد أن شاهد عياناً العجائب التي كان يأتيها العمودي قال عن العرب ما نروي قسماً منه معرباً: "انَّ مقام سمعان على عموده قد أنار قلوب الألوف المؤلفة من بني إسماعيل فكانوا يأتونه أفواجاً فيتقاطرون إليه تارة مائتين وتارة ثلاثمائة وأحياناً ألوفاً فيجحدون لديه اضاليل أجدادهم وربما حطموا أمامه اصنامهم ولعنوا باغرائه الزهرة وعبادتها النجسة ثم كانوا يتلقون التعاليم الخلاصية ويذعنون للبشارة الانجيلية. وقد حصل لي خطر على حياتي من تزاحمهم علي لأن القديس سمعان كان يأمرهم أن يطلبوا مني البركة الاسقفية مؤكداً لهم أنها تعود عليهم بالخير فكانوا اذ ذاك يقحموت علي من كل جانب من الأمام والوراء والجانبين ويركب بعضهم على أكتاف البعض ويمدون إلي ايديهم ليلتلمس مني البركة ولولا أن القديس سمعان كان يزجرهم لكنت تأذيت من لجاجهم واردحامهم عليَّ".
وقد ذكر هناك تاودوريطس ومثله المؤرخ ايفاغريوس والكاهن قزما معاصره عدة عجائب وآيات باهرة صنها سمعان مع العرب وشيوخهم وادت ثقتهم به وتواردهم إليه وإقبالهم على استمعا أقواله. فمن ذلك ما أخبر به عن أمير قبيلة نقل غليه مخلعاً على سرير من مدينة الرقة فشفته القديس برسم إشارة الصليب عليه وصبغة بمياه المعمودية فعاد كمخلع الانجيل حاملاً سريره والحضور كلهم يشكرون الله على هذه النعمة السابغة وكذلك أخبر عن امير آخر كان تنصر ونذر بين يدي القديس أنه يصوم عن أكل اللحم فنسي نذره مرة وأكل قطعة من اللحم استحالت في جوفه إلى حجر كاد يلفظ به روحه لو لم يسرع إلى القديس الذي خلصه بصلاته. وأرسلت ملكة العرب من العراق وسألته أن يزيل عقمها وينال لها من الله ابناً ذكراً فنالته وأرسلته إلى رجل الله لينال بركته.

نام کتاب : النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية نویسنده : لويس شيخو    جلد : 1  صفحه : 33
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست