responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية نویسنده : لويس شيخو    جلد : 1  صفحه : 88
لو كلّمت رهبان ديرٍ في القلل ... لانحدر الرّهبانُ يسعى فنزلْ
قالوا الرهبان هنا مفرد كالراهب. وقال ربيعة بن مقروم الضبيّ يصف مقام الراهب ونسكه:
لو أنّها عرضت لأشمطَ راهبٍ ... في رأسِ مشرفةِ الذرّى متبتلِ
جئَّارِ ساعات النيامِ لربِّهِ ... حتّى تخدَّد لحمهُ مُتَشمْعلِ
لصَبَا لبهجتها وحسن حديثها ... ولَهَمَّ من ناقوسهِ يَتَنزَّلِ
والمتشمعل المتغنّي في تلاوة الزبور. قال الراعي:
وَسِربِ نساءٍ لو رآهنَّ راهبٌ ... لهُ ظلّةٌ في قُلَّةٍ ظلَّ رانيا
يقال رنا إليه أي طرب لحديثه. وممَّا وصفوهُ وأفاضوا في ذكره مصباح الراهب الذي يوقده ليلاً لصلاتهِ فيُرى عن بعد ويستهدي به طارق الليل. قال امرؤ القيس في معلَّقتهِ يصف لَمَعان البرق ويشبّهه بسراج الراهب عند صبّه الزيت على الفتيلة ليذكيَهُ:
أصاحِ ترى برقاً أُرِيكَ وميضَهُ ... كلَمْعِ اليدَيْن في حَبَِيٍ مكلَّلِ
يُضيءُ سناهُ أو مصابيحُ راهبِ ... أمالَ السليطَ بالذُّبالِ المُفَتَّلِ
ومثلهُ قول كُثيّر:
أو مصابيحَ راهب في يَفَاعٍ ... سغَّمَ الزيتَ ساطعاتِ الذُّبالِ
وقال امرؤ القيس:
نظرتُ إليها والنجومُ كانَّها ... مصابيحُ رُهْبانٍ تُشَبُّ لقُفَّالِ
قال الشرَّاح: القفَّال عبَّاد النصارى لأنهم قفلت جلودهم أي يبست من العبادة. وقال المزردّ أخو الشمَّاخ:
كأنَّ شعاعَ الشَّمس في حجراتِها ... مصابيحُ رهبانٍ زهتها القنادلُ
وذكروا لبس الرهبان للسواد قال الأعلم يصف قتمة جلد الضباع:
سودٍ سحاليلَ كأنَّ جلودهنَّ ثيابُ راهبْ
وقد وصفوا الرهبان بالتبتّل. قال امرؤ القيس:
تضئ الظلامَ بالعشاء كأنّها ... مناروُ ممسى راهبٍ متبتلِ
والصّرورة مثل المتبتِّل:
لو أنّها عرضت لأشمط راهبِ ... عبدَ الإلهَ صرورةٍمتعبّدِ
لرنا لؤيتها وحسن حديثها ... ولخالهُ رشداً وإن لم يرشدِ
كذلك وصفوا صلاة الرهبان في ليلهم وتشعّث لمّتهم زهداً وأصوامهم. قال منظور الأسديّ:
كأنّ مهواهُ على الكلكلِ ... موقعُ كفيّ راهبٍ يصلّي
ببازلٍ وجناءَ أو عيهلِ ... في غبشِ الصبّح أو التتلّي
وقال الآخر:
عن راهبٍ متبتّلٍ متقهّلٍ ... صادي النهار لليهِ متهجّدِ
القهل يبس الجلد من العبادة. والتهجّد السهر للصلاة. وكانوا يتلون الزبور خصوصاً في صلاتهم كما قال امرؤ القيس يصف رسوم الدار:
أنت حججٌ بعدي عليهِ فأصبحتْ ... كخطِّ زبورٍ في مصاحفِ رهبان
وكما أفاضوا في ذكر الرهبان كذلك بيّنوا منازلهم في بلاد العرب فخصّوا منها بلاد مدين قال كثير عزّة:
رهبانُ مدينَ والذينَ عهدتهم ... يبكون من حذرِ العقاب قعودا
لو يسمعونَ كما سمعتُ كلامها ... خرّوا لعزّةَ ركعّاً وسجودا
وقال جرير:
رهبان مدينَ لو رأوكِ تنزَّلوا ... والعصمُ من شغفِ الجبالِ الفادرِ
وكذلك خصّصوا وادي القرى كمناسك للرهبان قال جعفر بن سراقة أحد بني قرّة:
فنحن منعنا ذا القرى من عدّونا ... وعذرةَ إذ نلقى يهوداً وبعثرا
منعناه من عليا معدٍ وأنتمُ ... سفاسيفُ روحٍ بين قرحٍ وخيبرا
فريقانِ رهبانٌ بأسفل ذي القرى ... وبالشام عرّافون فيمن تنصّرا
وكذلك عيّنوا موزن وهو بلد بالجزيرة في ديار مضر كأحد مناسك الرهبان.
قال كثير:
كأنّهمُ قصراً مصابيحُ راهبٍ ... بموزنَ روَّى بالسليط ذبالها
هم أهلُ الواحِ السريرِ ويمنهِ ... قرابين اردافاً لها وشمالها
قصراً أي عشيّاً. والسليط الزيت كما مرّ. وعدّد صخر الغيّ أمكنة أخرى يسكنها الرهبان كبلاد الروم ومنازل تنوخ وصورّان وزبد. وقال:
والله لو أسمعتْ مقالتها ... شيخاً من الشّعثِ رأسهُ لبدُ
مآبهُ الرومُ أو تنوخُ أو ... الآطام من صوّرانَ أو زبدُ
لفاتحَ البيعَ يوم رؤيتها=وكان من قبلُ بيعهُ لكدُ فذكرهم للرهبان في كلّ هذه الأمكنة يؤيد قولنا في القسم الأول عن شيوع النصرانيّة في أنحاء جزيرة العرب.

نام کتاب : النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية نویسنده : لويس شيخو    جلد : 1  صفحه : 88
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست