الخديوي يزوره في قصره ويجالسه في حديقة القصر حيث كان للخديوي رغبة فيما يروون في العمل في الحديقة، وكانت بيده مظلة ناولها لشوقي ليستظل بها من أذى الشمس، فقال شوقي.
عباس مولاي أهداني مظلته ... يظلل الله عباسا ويرعاه
مالي وللشمس أخشى حر هاجرها ... من كان في ظله فالشمس تخشاه
ولكنه كان مقربا للبلاط في آخر حياته في عهد الملك فؤاد حيث عمل كاتبا في قلم السكرتارية في الديوان الملكي كما ذكرنا.
ولم يعش طويلا فقد وافاه أجله رحمه الله يوم الخميس في 12 "حزيران" "يونيه" سنة 1924 "10 ذي الحجة 1342" في اليوم نفسه الذي جرت فيه محاولة لاغتيال زعيم الوفد المرحوم سعد زغلول باشا، وجرح فشغل أكثر الناس بتلك الحادثة عن الالتفات إلى مأتمه كما يجب، ويقال أن سعد نفسه لما علم بوفاته جزع عليه جزعا شديدا وبكى. ولم يفت الشاعرين
وغبطتها بما أفاء الله عليها من ذخائر الفرس وأعلاق الروم، وامتلاء قصورها باللؤلؤ المنظوم من القيان، واللؤلؤ المنثور من الولدان، وأرى مجالس غنائها، ومجامع أنسها، ومسارح لهوها، ومجالات سبقها، وملاعب جيادها، ومذاهب طرائدها، ومواقف حجها، وازدحام شعرائها على أبواب أمرائها، وجوائز أمرائها في أيدي شعرائها، وانطلاق ألسنتها بوصف ما تشاء من الأعواد والبرابط والمعازف والمزاهر والأقداح والدنان والموائد، والصحف وألوان الطعام حلوه وحامضه، وأصناف الشراب حلاله وحرامه، والطيور المحلقة في الأجواء، والسفن الذاهبة في الدأماء[1]، والرياض الخضراء، والغابات الشجراء، والقصور وتماثيلها، والبحيرات وأسماكها، والأنهار وشواطئها، والأزهار ونفحاتها، والغيوث قطراتها، ودبيب الحب في القلب، والغناء في السمع، والصهباء في الأعضاء، وخلجة الشك، ولمحة الفكر، وبارقة المنى، ثم لا أشاء أن أرى بين هذا وذاك خلقا عذبا، أو أدبا غضا، أو حبًا وفيًا، أو مجونا مستظرفا، أو حوارًا مستلمحًا، إلا وجدته، ولا أن أسمع ما تهتف به العاتق في خدرها، وما يحدو به الحادي في أعقاب إبله، وما يتغنى به العاشق، وما يهذي به الشارب [1] الدأماء: البحر.