بعضُ ما يبذلُ من نائلهِ ... مثلُ تيارِ الفُراتِ المُقتسمْ
أخبرنا ابن أبي خيثمة قال: أخبرنا مصعب قال: قال ابن شوذب: وكان موالي أهل المدينة، وكان يأتي مجلس الأويسيين فقال لهم:
وإني لآتيكمْ وأعلمُ أنما ... بيوتُ الندى في غيركمْ والمكارمِ
وإني لمُجدِيكم جديَّة مِثلكم ... لكُمْ ظالماً وهكذا غيْر ظَالم
وقال المدائني: دخل حبيب بن شوذب على جعفر بن سليمان بالمدينة فقال: أصلح الله الأمير حبيب بن شوذب وادُّ الصدر حسن الثناء يكره الزيارة المملة، والقعدة المنسية. فأمر له بصلة.
حدثني أحمد بن أبي خيثمة قال: قال الزبير بن بكار: حدثني سعيد بن عمرو الزبيري قال: كان أبو الرميح حبيب بن شوذب الأسدي يفضل الفرزدق على جرير، ويتعصب له عليه - وقد كان أدركهما - فسألته عن صفتهما. فقال: أما جرير " فكان طويلاً مضطرباً أغنّ - فنعته فجعل يوهن خلقه حتى كان يخنثه - وأما الفرزدق: فكان غضنفراً، عظيم الهامة، رحب الصدر، عظيم القصرة كأنه أسد.
؟ ميمون الحضري
محاربي حجازي، ظريف مليح الشعر. حدثنا أحمد بن أبي خيثمة قال: أخبرنا الزبير بن بكار قال: حدثنا ميمون الحضري قال: أردت الحج، فقالت لي امرأة كنت أتحدث إليها: قم فطف ببيتي سبع طوفات كما تطوفون بالبيت، واركض بعيرك كما يركضون إبلهم، واحلق رأسك كما يحلقون رءوسهم، وارم جارتنا التي تسعى بنا كما يرمون الجمار، وقبلني كما يقبلون الركن قال: فعلت وقلت في ذلك:
قد كنتُ أجمعتُ حجَّ البيت أطلبهُ ... والقلب عن حجِّ ذاك البيتِ مُشتجِرُ
أرى خلافاً ذهاب البيت أطلبه ... وها هنا بيتُ جُمل مالهُ سفرُ
لله سبعةُ أطواف أطوفُ بهِ ... كما يطوفونَ سدَّ البيتِ أقتصرُ
ورمي جاراتها جهدي كرميهمُ ... روسَ الجمارَ التي ترمي وتبتدرُ
فسوفَ أحلق رأسي مثل حلقهمُ ... حتى يكروا ورأسي مالهُ شعرُ
وسوف أركضُ نضوي مثل ركضهمُ ... حتى دبرُ
كانتْ مناسكهمُ تقبيلهمْ حجرأ ... ومن يقبلكِ لا يعرض له الحجرُ
لو كان أدركها عثمانُ أو عُمرٌ ... ما حجَّ غيركِ عُثمانُ ولا عُمرُ
قال: فلقيني أبو بكر محمد بن موسى بن عمران البكري فقال لي: ما حملك - رحمك الله - على أن أخرجت أبا بكر مما أدخلت فيه الشيخين؟ فقلت: يرحمك الله، لم أخرجه مما يتنافسُ الناس فيه. وقد قال راشد بن إسحاق أبو حكيمة في هذا المعنى وذكر لي علي بن محمد بن نصر أنها لأبي مسلم الخلق ولم يصنع شيئاً لأن هذا ليس من نمط أبي مسلم:
ولما رأيتُ الحجّ قدْ آن وقته ... وأبصرتُ بزل العيس بالركبِ تعسفُ
رحلتُ مع العشاقِ في طاعة الهوى ... وعرفتُ من حيثُ المحبون عرَفُّوا
وقد زعموا رمي الجمار فريضةً ... وتاركَ مفروضِ الجمارِ يعنفُ
فهيأتُ تفاحاً ثلاثاً وأربعاً ... فنقشَ لي بعضٌ، وبعضٌ مغلفُ
فقمتُ حيال القصْرِ ثمَّ رميته ... فظلتْ له أيدي الجواري تلقفُ
وإني لأرجو أن تقبلَ حجتي ... وما ضمني للحج سعيٌ وموقفُ
وللثرواني في هذا المعنى:
فإن أحرموا من ذاتِ عرقٍ وهللوا ... فموضعُ إحرامي وإنْ لم يكن حرما
من القائمِ السقاءِ صيرتُ حجتي ... إلى الحيرة البيضاء مندفعاً قدما المستهل بن الكميت
ابن زيد الأسدي الشاعر الكوفي وله أشعار كثيرة. أنشد له ابن أبي خيثمة عن دعبل:
يعدونَ لي مالاً يحسدونني ... وذو المالِ قد يغري به كلُ معدمِ
ولو حسبوا مالي طريفي وتالدي ... وقرضي وفرحني لم يكن نصفَ درهمِ
وأنشد دعبل له أيضاً في بني العباس.
إذا نحنُ خفنا في زمانِ عدوكمْ ... وخفناكمُ إنَّ البلاءَ لراكدُ
ويروى أن أبا جعفرٍ المنصورَ طلبه حتى ظفر به، فقال له: أبوك الذي يقول:
الآن صرتُ إلى أميَّ ... ةَ والأمورُ لها مصائر؟
فقال: يا أمير المؤمنين وأبي الذي يقول: