مضىَ وأقامَ مادجتِ الليالي ... له مجدٌ يجلُّ على البِعادِ
فإنْ يكُ غابَ وجهُ أبي حُوىٍّ ... فأوجُهُ عُرفه غُرٌّ بوادي
طالب وطالوت
ابنا الأزهر الشاميان، طائيان، قال دعبل: لهما شعر صالح.
وأنشد دعبل لطالبٍ في أبي جعفرٍ المنصور:
اذكرْ لِقومي فضلهمْ ووفاءَهمْ ... لكمُ وكنْ يا ابنَ الكرامِ وَصولاَ
يا ابنَ الأكارم إنني منْ عُصبةٍ ... مُتسربلينَ منَ الحديدِ شليلاَ
خرجوا لدعوتكمْ فلم يألوا فقدْ ... رفعتكمُ فوقَ الأنامِ طويلاَ
وأنشد دعبل لطالوت، في قتل عتبة بن محمد بن أبان بن حوىّ السكسكي، وكانت قيس قتلته:
أبعدَ السِّكْسِكيِّ فتىً يمانٍ ... تجُّونَ الجيادَ وتعْمدونَا
وقد فرشتْ لنا أسيافُ قيسٍ ... بذاتِ الإفك مُفْترشاً كنينَا
فجدلَ بينَ أظهرهمْ صريعاً ... سليباً راكباً منه الجبينَا
يُنادي الأقربينَ وأينَ منه ... وأينَ وأينَ منه الأقربُونَا؟
فيا يمنُ الكماةُ ثبوا فأطفوا ... مقالَ العارِ واطلبوا الديونَا
فقدْ نمتمْ وليسَ أوانَ نومٍ ... ولم ينمِ العُداةُ الكاشِحونَا
وأغْمدْتُمْ سيُوفَ الحربِ حتىَّ ... درنَّ معاً وفرَّينَ الجُفُونَا
أيا مُضرُ التي قلتْ وذلتْ ... أتاكِ الموتُ فابتدري الحُصُونَا
وكونيِ كالتي دفنتْ بنيهالتحييهمْ فماتوا أجمعينَا
؟؟ أبو الضلع السندي
حدثني محمد بن علي بن حمزة قال: حدثني محمد بن عبد الصمد ابن موسى: أنه مولى موسى الهادي.
وقال دعبل: هو مولى لآل جعفر بن أبي طالب، ونزل بغداد ومات بها وكانت له أشعار فِصاحٌ مِلاحُ، ومن قولهِ أنشده أبو هفان:
لنْ ترىَ بيتَ هِجاءٍ ... أبداً يأتيكَ منىِّ
الهجاء أكبرُ مِمن ... قدورُه يَصْغُرُ عنيِّ
قال الجاحظ: أخبرني صديقٌ لي عن أبي الضلع قال: ذهبتُ أشتُمُ بخيلاً فشتمتُ نفسي، وأنشده هذين البيتين.
وقال ابن أبي خيثمة عن دعبل: كان شرطُ شِعره أربعةَ آلافِ درهم، فأتى إنساناً من الكتاب، فمنعه، فقال:
ما فَعَلَ المرْءُ فهُو أهلهُ ... كُلُّ فتىً يُشْبِهُهُ فِعْلُهُ
ما أحدٌ أعْجَزُ منْ عاجزٍ ... يَعْجزُ عنْ سُنتنا فَضْلُهُ
وأنشد أبو هِفان لأبي الضلع:
إنَّ أَبا بدرٍ به عِلةٌ ... ليستْ تداوي بدوا المرضَى
حرارةٌ في سلفه مالها ... شيءٌ يُطفِّيها سِوَى القِثَّا
وأنشد له أيضاً:
يا فقحةَ ابن الوجيهِ ... أصبتِ أيراً فتيهِى
لولاَ البغَاءُ لأضْحَى ... وما لَه مِنْ شبيهِ
أنشدني محمد بن علي بن حمزة قال: أنشدني عبد الصمد بن موسى ابن محمد بن إبراهيم الإمام، لأبي الضلع مولى موسى الهادي:
يا نفس صبراً لا تهلكي ياسَا ... قدْ فارقَ الناسُ قبلكِ الناسا
صبراً جميلاً فلستِ أولَ منْ ... أورثه الظاعنونَ وسواسا المخيم الراسبي
شاعر مجيد، من أهل بغداد. قال أبو هفان: كان في ناحية محمد بن منصور بن زياد صاحب ديوان الخراج، وكان هارون الرشيد يلقب محمد ابن منصور:فتى العسكر. وكانت أشعاره كلها فيه. وأنشد له أبو هفان يمدحه:
يا سائلي عن كريمِ الناسِ كلهمُ ... محمدُ بنُ زيادٍ منتهى الكرمِ
تعلَّموا من يديهِ الجودَ واغترفوا ... من راحتيهِ سجالَ الجودِ والنعمِ
قال أبو هفان: حدثني أبو دمامة قال: كسبَ المخيمُ الراسبيُّ مع محمد بن منصور بن زياد مائة ألف درهم. فلما مات قال: إلى من أنقطع؟ وبمن أتصل؟ ثم عُزم له على أن صحب محمد بن يحيى بن خالد بن برمك، فأتلف جميع ما أفاده من محمد بن منصور على بابهِ ولم يجد عليه. فقال المخيم:
أمحمدُ لولا النبيُّ محمد ... وشرائعُ الإسلامِ والإيمانِ
ما كانَ فيكَ لغاسلٍ منْ مغسلٍ ... يا طاهراً في السرِّ والإعلانِ