responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أنوار الربيع في أنواع البديع نویسنده : ابن معصوم الحسني    جلد : 1  صفحه : 227
فإن عفا طلل أو بان ساكنه ... فلا تقف فيه بين البث والفكر
في شمك المسك شغل عن مذاقته ... وفي سنا الشمس ما يغني عن القمر
لو لم أكن مشبها للناس في خلقي ... لقلت أني من جيل سوى البشر
ومنها:
تزيدني قسوة الأيام طيب ثنا ... كأنني المسك بين الفهر والحجر
ألفت من حادثات الدهر أكبرها ... فما أعوج على أطفالها الأخر
لا شيء أعجب عندي في تباينه ... إذا تأملته من هذه الصور
أرى ثيابا وفي أثنائها بقر ... بلا قرون وذا عيب على البقر
قالت رقدت فقلت الهم أرقدني ... والهم يمنع أحيانا من السهر
كم قد وقعت وقوع الطير في شرك ... فضعضعت همتي منها قوى المرر
أصفو وأكدر أحيانا لمختبري ... وليس مستحسنا صفو بلا كدر
إني لأسير في الآفاق من مثل ... فرد وأملأ للآماق من قمر
إذا تشككت فيما أنت مبصره ... فلا تقل أنني في الناس ذو بصر
وكيف يفرح إنسان بمقلته ... إذا نضاها ولم تصدقه في النظر
لقد فرحت بما عانيت من عدم ... خوف القبيحين من كبر ومن بطر
وربما ابتهج الأعمى بحالته ... لأنه قد نجا من طيرة العور
ولست أبكي لشيب قد بليت به ... يبكي على الشيب من يأسى على العمر
كن من صديقك لا من غيره حذرا ... إن كان ينجيك منه شدة الحذر
ما أطمئن إلى خلق فأخبره ... إلا تكشف لي عن سوء مختبر
لقد نظرت إلى الدنيا بمقلتها ... فاستصغرتها عيوني غاية الصغر
وما شكرت زماني وهو يصعدني ... فكيف أشكره في حال منحدري
لا عار يلحقني إني بلا نشب ... وأي عار على عين بلا حور
فإن بلغت الذي أهوى فعن قدر ... وإن حرمت الذي أهوى فعن عذر
ولقد طال بنا الشرح بسبب هذا الاستطراد، على أن الاستطراد من البديع، فلم نخرج عما نحن فيه على كل حال، ولنعد إلى تمام الكلام على نوع القسم فنقول: إن من قبيحه قول القاضي عبد الله بن محمد الخليجي:
برئت من الإسلام إن كان ذا الذي ... أتاك به الواشون عني كما قالوا
ولكنهم لما رأوك غرية ... بهجري تواصوا بالنميمة واحتالوا
فقد صرت أذنا للوشاة سميعة ... ينالون من عرضي ولو شئت ما نالوا
وبسبب هذا القسم القبيح عزل القاضي المذكور من منصبه، ومني بنكد العيش ونصبه.
قال الصفدي في شرح رسالة ابن زيدون: كان القاضي الخليجي المذكور ابن أخت علوية المغني، وكان تياها صلفا، تقلد القضاء للأمين، وكان علوية عدوا له، فجرت له قضية في بغداد فاستعفى من القضاء، وسأل أن يولى بعض الكور البعيدة، فولي قضاء دمشق أو حمص. ولما تولى المأمون الخلافة، غناه يوما علوية بشعر الخليجي المذكور، فقال له المأمون: من يقول هذا الشعر؟ قال: قاضي دمشق، فأمر المأمون بإحضاره فأشخص. وجلس المأمون للشرب وأحضر علوية، ودعا بالقاضي، فقال له: أنشدني الأبيات، فقال: يا أمير المؤمنين هذه أبيات قلتها منذ أربعين سنة وأنا صبي. والذي أكرمك بالخلافة، وورثك ميراث النبوة ما قلت شعرا منذ أكثر من عشرين سنة إلا في زهد، أو عتاب صديق. فقال له: اجلس، فجلس، فناوله قدح نبيذ كان في يده، فأرعد وبكى وأخذ القدح من يده وقال: والله يا أمير المؤمنين ما غيرت الماء بشيء قط مما يختلف في تحليله فقال: لعلك تريد نبيذ التمر أو الزبيب؟، فقال: والله يا أمير المؤمنين لا أعرف شيئا من ذلك، فأخذ المأمون القدح من يده وقال: والله لو شربت شيئا من هذا لضربت عنقك، ولقد ظننت أنك صادق في قولك كله، ولكن لا يتولى لي القضاء رجل بدأ في قوله بالبراءة من الإسلام، انصرف إلى منزلك. وأمر علوية فغير هذه الكلمة وجعل مكانها (حرمت منالي منك) .

نام کتاب : أنوار الربيع في أنواع البديع نویسنده : ابن معصوم الحسني    جلد : 1  صفحه : 227
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست