نام کتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 245
دون أن يزج به في سياق الكفاح العام في مختلف أقطار العالم.
وكانت قصيدة " أنشودة المطر " تنبئ أن الشاعر قد اكتشف العلاقة بين الجفاف والخصب المتعاقبين، أي اهتدى إلى أسطورة " تموز " أو " أدونيس " دون أن يذكر ذلك صراحة؛ ورأى نفسه؟ كما رأى العراق - من خلال تلك الأسطورة فتم التطابق بين الفرد ووطنه، واستراح الشاعر من الازدواج القديم المتباعد الطرفين الذي كان يجعله تارة مع حفار القبور وتارة مع الأسلحة والأطفال. وكان هذا الاهتداء يشبه الوقوع على منجم أو كنز: ذلك لأن الأسطورة في جميع وجوهها تصلح لموقفه الجديد صلاحية عجيبة؛ فأدونيس (أو تموز) شاب جميل محبوب يستطيع ان يحتضن شخصية الشاعر المحروم من الحب، وافروديت أو عشتار أم وحبيبة معا؛ والأسطورة في مجموعها خير ما يرمز للعراق حين يدرس فيه معنى الخصب والجفاف وحكم الكهنة والقرابين؛ وهي أسطورة تمثل الحضارة الزراعية ولهذا تصلح ان تكون ملاذا للشاعر الهارب من أخيلة اليسار الصناعي ومن طغيان المدينة الكبيرة ذات الحياة الآلية؛ بل ان اهتداءه لتلك الأسطورة يعني العودة إلى الريف من خلالها، وإعلان الكراهية الدفينة للمدينة الحديثة. ولهذا لا يدري الدارس أيهما اسبق: اكتشافه العلاقة النفسية بينه وبين الأسطورة الزراعية أم اعتزامه فصم العلاقة بينه وبين يساريته، إذ يبدو ان أحدهما أدى إلى الآخر على نحو طبيعي، وكان ظهور تموز أو أدونيس طريقه إلى القوى الغيبية أي إلى الإيمان بدين، ونوعا من التعويض عن تلك الغربة الطويلة التي أحس بها في ظل العقلانية الواعية. وقد انالشاعر حين يتخذ أسطورة فليس من الضروري أن يتجاوز حدود استغلال الرموز الكامنة فيها، وهذا صحيح، ولكن الذي أقوله هنا هو ان العودة إلى الرموز البدائية؟ وهي رموز دينية - قد نقلت السياب إلى مصطلح شعائري ودنيا من الشعائر
نام کتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 245