نام کتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 308
طرفي الحلم والواقع، ثم يأخذ بالركون تدريجيا إلى حكم الواقع نفسه، حتى تتاح له ثورة جديدة تمثل السأم من ذلك الركون وأرضى. وقد عبر بدر عن هذا العقم بعد مضي سنة كاملة من محاولة العودة إلى خصب العطاء الشعري السابق فقال: " مر عام بأكمله لم اكتب فيه سوى قصيدتين، أنه العقم يتسرب إلى نفسين فإذا كتبت فعن هذا العقم اكتب؟. أنها لمعجزة حقا أنني أستطيع الكتابة، وأعني كتابة الشعر حقا، فأي عطاء تستطيع ان تقدمه النفس التي أيبسها الجفاف؟ " [1] . ولا ريب في أن العراق نفسه قبل الثورة كان يعاني شعورا عاما بالجفاف واليأس من تغير الأحوال، وهذا كله أثر في نفس بدر، وجعل تفاؤله باليقظة سرابا أو وهما، - ولكن ذلك لم يطمس على شعوره بحتمية التغير طمسا تاما، وإنما ظل رغم حلكة اليأس يحاول أن يفترض وجود نور. وتمثل القصيدتان " قارئ الدم " و " مدينة بلا مطر " هذا الشعور بضرورة الخروج من ذلك الجفاف الفردي والقومي ولا تعدو القصيدة الأولى منهما أن تكون تهديدا للطاغي المتجبر بأنه سيساق إلى الحساب ولا بد، وأن أي بصير يستطيع أن يقرأ مصيره في الدم الذي يسفكه كل يوم. وقد لخص بدر في القصيدة تجربة السجن والتعذيب في سجون العراق، وتجربة الفقر المرير والجوع بين الطبقات الفقيرة الجائعة وشقاء العاملين في الحقول والمستنقعات الآوين إلى الأكواخ التي تتشرب كل أمطار الشتاء، ولذلك كانت القصيدة أشبه بصرخة في وجه الظلم العام الطاغي - محض صرخة ليس فيها تكامل فني. وأما الثانية فأنها صورة من الجفاف العام بسبب غياب " تموز "، ويوشك الصحو أن يتم ولكن لا تلبث بسمات الناس ان تختفي فقد أدركوا أن تموز لم يصح بعد: فبابل يصفو الريح في أبراجها، وغرفات عشتار خاوية بلا نار، والناس يصحون شاكين الجوع: [1] من رسالة إلى الدكتور إدريس بتاريخ 7/ 5 / 1958.
نام کتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 308