نام کتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 310
يقظة. فهنا تفتتح القصيدة بحال من تعسر الأمطار يشبه تعسر الولادة، فالمدينة " تحم دروبها والدور، ثم تزول حماها " ويصبغها الغروب بالسحب، ويوشك البرق أن يلتمع ولكن لا، فان طبول بابل لم تدق مؤذنة بالمطر، وبدلا من ذلك تصفر الريح ويئن المرضى. وبين الفاتحة والخاتمة موكبان: موكب الكبار الذين يصفون الحال متوجعين إلى " الأرباب "، بعد أن عانوا القحط أعواما متوالية " وكان نخيلنا الجرداء أنصاب أقمناها لنذبل تحتها ونموت " وموكب الصغار الذين تستجيب السماء لدعائهم فترعد وتمطر، وتشيع البسمات على أثر ذلك العطاء. ويستعير الشاعر اكثر الصور الوثنية التي تهيئها قصة تموز وعشتار، ويحسن؟ ببراعة فذة - استغلال تلك الصور في سياق متدرج، دون أن يخرج من ذلك الجو الوثني، ودون أن يخنل الرمز بين الظهور والاستكنان إلا مرة واحدة حين يخاطب العباد الأرباب بأن عيونهم " حجار تنداح في العتمة "، فمثل هذا القول لا يوجهه الضارعون إلى أربابهم، ولكن طغت الفكرة السياسية على الشاعر فانتقل الرمز عفوا إلى السطح ولم يعد كامنا وراء الصورة الخارجية. ولكن أين وجه التطابق بين القصيدة وحال العراق حينئذ؟ لا ريب في أن الجفاف العام يرمز إلى ما كان يعانيه العراق من قيود على كل ضروب الحرية، وأن انسكاب المطر يذل على انزياح ذلك الجفاف وانقشاعه، ولكن ما قيمة تلك الصور الوثنية المتلاحقة في موكبي الرجال والصغار؟ وهل يكون تغيير الجفاف بأدعية تلك الحلوق الجهيرة أو تلك الثغور الصغيرة؟ أو يكون بالثورة؟ هنا تصبح الصور الوثنية متممة للصور العامة بين التعسر والولادة، ولكنها لا تؤخذ حرفيا، ذلك أن العلاقة بين العباد والأرباب ليست علاقة ثورة وإنما هي علاقة ضراعة، ولهذا كاد الشاعر يطرح الرمز جانبا في بعض مراحل القصيدة ليكيل الاتهامات للأرباب؛ ومرة أخرى أقول ان الذي يهم الشاعر هو صورة الانبعاث أو نزول
نام کتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 310