نام کتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 400
واشتملت مذكراته على تقييد كل دقائق الحاضر: من الأمل بالشفاء وحب العودة، والتشوق إلى الزوجة والأبناء، وصورة الزوجة وهي تؤمل عودته، ومن تطور المرض، وفعل التجارب والأدوية الطبية في جسمه، وتصوره للأحتضار، وكتابته وصيته وعنايته بكتابة شاهد على قبره، وقلقه وسخطه وثورته وعجزه وتردد نفسه بين الثورة والعجز، والإحساس بالوحدة والنفي وعشرات أخرى من الأحوال التي يعانيها مريض مقيد إلى سرير؛ ذلك هو عالمه من التجربة، ولذلك فانه استغل مادة ذلك العالم حين شاء أن يظل يتغنى أو ينوح ليسمع صوت نفسه. ومن الطبيعي ان يكون جو قصائده هو جو " الغرفة المغلقة " وما يدور فيها من هواجس، ولهذا انتلأت قصائده؟ وخاصة فواتحها - بمثل: " الغرفة موصدة الباب " و " الباب ما قرعته غير الريح " و " كما ينسل نور خائف من فرجة الباب " و " فنور غرفتي إيماض برق؟ " و " خلا البيت؟ " و " أوصدي الباب " و " يا غربة الروح في دنيا من الحجر " و " كمستوحد أعزل في الشتاء " و " سهرت فكل شيء ساهر " و " من مرضي، من سرير الأبيض "؟ وهلم جرا مما هو علاج للوحدة والوحشة والسهر في غرفة مغلقة تعج فيها الهواجس وتتموج وتتضارب كيف شاءت. وحين تتصور انحباس إنسان كان طليقا في غرفة نائية لا يؤنس فيها وحدته أحد، نتذكر على التو ان صور الضياع كانت تتراءى لعينيه على شكل صروح مفقودة، لا حجرة صغيرة مغلقة، كمعبد شيني وارم ذات العماد وذلك هو الفرق بين أحلامه وواقعه؛ وقد ظل يتشبث بالصرح المائل للخراب وهو يتحدث عن انهياره الذاتي، فليس الذي يتراءى له ظلا يغيب وإنما مبان ضخمة تتهدم، وصوت الموت فيها هو رنين معول حجري ثقيل [1] : [1] إقبال: 39.
نام کتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 400