نام کتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 409
إعلان النقمة الجارفة على تلك الأحداث ومن شارك فيها أو كان سببا في إذكاء نارها، وهذا هو القسم الذي سميته " سربروس في بابل " (الفصل 27) ؛ وسربروس كلب عقور يهاجم عشتار " رمز الحب والخصب "؟ ولكني عنيت أن هذا الكلب العقور كان ذا رأسين، فإذا كان أحد الرأسين هو هو الذي جرح الحياة وقتل بعض جوانبها فان الرأس الثاني هو تلك القصائد التي خلدت ذلك التناحر بين أخوين، وعمقت الجراح في النفوس، وجعلت الشاعر نفسه ضحية لها لا حين أصابت نفسه وشعره بالإرهاق وحسب بل حين رسخت صور الفظائع " فنيا " حتى أصبحت " كابوسا " يهاجمه في اليقظة والمنام، ويساعد على انحداره النفسي والجسدي نحو الفناء.
وحين أدركه الإرهاق وبلغ بغضه للمدينة أقصاه هاجر عائدا إلى جيكور فوجدها قد تغيرت عما عهده، وأحس أن صورته فيها قد هرمت وتحيفها الزمن، وواكب ذلك مرضه الجسدي وتنقله للاستشفاء، فأصبحت هذه المرحلة الأخيرة في حياته تسجيلا للماضي والحاضر، بصورة عفوية تلقائية، واضمحلت الأسطورة القديمة فأخذ يتلمس الاستعانة بأسماء جديدة يرمز بها إلى حاله وواقعه، وكانت قصائده جميعا " مذكرات " تدون تباعا؛ وقد احتفظ بهذه القصائد جميعا ولم يسقط منها؟ فيما يبدو - أي شيء، مع انه اسقط كثيرا من شعره في كل المراحل ولم يضمنه دواوينه. وبعد ان كان يعتمد في قصائده؟ فيما مضى - على تدافع الصور وحشدها، وعلى التفصيلات والتفريعات في المناظر، وعلى إيراد التشبيهات الطويلة، اصبح في قصائد هذه الفترة يتكئ على تتابع الحركة والخبر السردي وخاصة في قصائده التي أخذ يؤرخ فيها ذكريات الماضي. وبين المرحلتين اللتين تقومان على صنفين من الحشد والتكديس علت نغمة التساؤل الملح في قصائد فترة " سلال الصبار في بابل " لصلة التساؤل بالدهشة والنقمة والحيرة
نام کتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 409