نام کتاب : تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين نویسنده : لويس شيخو جلد : 1 صفحه : 130
مدّت عليها رواقها بعد نكبة السنة 1860 وأخذت الشبيبة تترعرع وهمها الأعظم الترقي في معارج التمدن.
وعقد في ذلك العام المجمع الواتيكاني وفيه رأي الدين الشرقيون رقي أخوتهم الغربيين في العلوم فأحبوا مجاراتهم في ذلك المجال الشريف. وقد ساعدهم في تحقيق أمانيهم المرسلون اللاتينيون الذين تضاعف عددهم في هذه البلاد فأخذوا يجدون ويسعون بما عرفوا به من علو الهمم ليبعثوا في الأحداث الغيرة على إحراز المعارف. وكذلك المرسلون الأميركان فإنهم أفرغوا كنانة الجهد ليزرعوا في قلوب الشبان بذور المعارف والعلوم المستجدة. ويا حبذا لو اقتصر على هذه الغاية الشريفة ولم يتخذوا العلم وسيلة لنشر الزاعم البروتستانية ومناوأة الدين القويم.
ومما خص به هذا الطور الذي نحن في صدده إنشاء مدارس عامرة لم يسبق لها مثيل في الزمن السابق أخصها الكلية الأميركية التي خرجت في ذلك الوقت من قماطات مهدها فشرع أساتذتها وفي مقدمتهم فان ديك في تأليف أو تعريب قسم كبير من الكتب العلمية قدوة بالشيخ الطهطاوي بمصر ففتحت ترجمتها باباً جديداً طرقه الشرقيون لإحراز العلوم العصرية. وكانت المطبعة الأميركية تذلل لهم الصعاب في نشرها وبقيت تلك المطبوعات عهداً طويلاً كأساس التعليم في الكلية الأميركية وبعض المدارس الوطنية حتى بعد قصورها عن بلوغ غايتها لاتساع نطاق العلوم سنة بعد سنة فبقيت على نقصها حتى اضطرت عمدة المدرسة الأميركية إلى استئناف التدريس باللغة الإنكليزية.
وكان النجاح الذي فاز به أصحاب الكلية الأميركية باعثاً للكاثوليك على مزاحمتهم ليصونوا أبناء مللهم من الأضاليل البروتستانية. وكان اليسوعيون أول من تحفز لمناهضتهم فعززوا مدارسهم الثانوية في غزير وبيروت وصيداء ثم جعلوا يطلبون ما هو أنجع وسيلة لبلوغ أربهم بإنشاء كلية في بيروت تباري كلية الأميركان وتقدم لأبناء الشرق مناهل العلوم صافيةً من كل رنقٍ يكدرها. فما لبث بعد أربع سنوات أن تشيدت أبنية كليتنا الكاثوليكية ونقلت إليها مدرسة غزير 1875 فنالت من كرم الكرسي الرسولي كل انعامات الكليات بمنح شهادات العلوم الدينية
نام کتاب : تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين نویسنده : لويس شيخو جلد : 1 صفحه : 130